مقامرة القرن؟.. هل يكرر الجارحي مغامرة ساويرس في السودان؟

في خطوة أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط الاقتصادية والسياسية، دخل رجل الأعمال المصري محمد الجارحي سباق الذهب الإفريقي عبر شركته ديب ميتالز، التي تقدمت بطلب رسمي للحصول على امتياز استغلال منجم "أركيديا" وعدة مواقع أخرى في السودان، باستثمارات تتجاوز 277 مليون دولار.
الصفقة، التي وُصفت بأنها من أكبر التحركات المصرية في قطاع التعدين السوداني خلال السنوات الأخيرة، لا تقتصر على استخراج المعدن النفيس، بل تشمل إنشاء مصنع لمعالجة المخلفات ومصفى ذهب حديث، إلى جانب عمليات الاستكشاف والإنتاج في أربع ولايات رئيسية: الشمالية، البحر الأحمر، نهر النيل، والقضارف.
ورغم الحفاوة التي استقبلت بها وسائل الإعلام المصرية الصفقة، سارعت الحكومة السودانية إلى التوضيح بأنها لا تزال "طلبات استثمارية قيد الدراسة" ولم تصل بعد إلى اتفاق ملزم.
هذا النفي الرسمي فتح الباب أمام تساؤلات حول مصير المشروع في ظل التعقيدات السياسية والأمنية التي يعيشها السودان، خاصة مع تزايد صراعات النفوذ على ثرواته المعدنية.
السودان يُعد واحدًا من أكبر منتجي الذهب في إفريقيا، إذ تجاوز إنتاجه 65 طنًا عام 2024، لكن القطاع ظل محاطًا باتهامات بالفساد وعدم الشفافية في توزيع العائدات.
يرى مراقبون أن دخول الجارحي يمثل "مغامرة محسوبة" تحمل في طياتها وعودًا ضخمة ومخاطر جسيمة في آن واحد.
من الحديد إلى الذهب
الجارحي الذي يملك حصة الأغلبية في شركة الحديد والصلب، ليس غريبًا على عالم الصناعات الثقيلة، فقد بنى جزءًا كبيرًا من ثروته في قطاع الصلب، وبرز اسمه أيضًا في العمل المجتمعي خلال أزمة كورونا حين أعلن دعمه للعمال والموظفين.
لكن تاريخه لم يخلُ من الجدل، إذ سبق أن واجه قرارات قضائية بالتحفظ على أمواله في قضايا أموال عامة، قبل أن يتم رفع بعضها لاحقًا.
اليوم يضع الجارحي رهانه الأكبر في السودان، بلد الذهب والاضطرابات، حيث يرى البعض أن المشروع قد يفتح بابًا لتعاون اقتصادي جديد بين القاهرة والخرطوم، فيما يحذر آخرون من أن غياب الضمانات القانونية والسياسية قد يحوّله إلى استثمار عالي المخاطر.
السؤال المفتوح
هل ينجح محمد الجارحي في تكرار تجربة أل ساويرس مع الذهب الإفريقي، أم أن السياسة ستلتهم أحلام الاستثمار؟ الجواب ستحمله السنوات المقبلة، لكن المؤكد أن ذهب السودان أصبح مسرحًا لمنافسة إقليمية ودولية تتجاوز حدود التعدين إلى لعبة النفوذ.