رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

رؤية سبقت زمنها.. هل كانت مبادرة السيسي استباقًا لما نشهده اليوم؟

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي

بعد هجوم الدوحة.. عودة قوية لفكرة "القوة العربية المشتركة" التي استشرفها السيسي

المصادر الدبلوماسية تكشف: نقاشات عربية جادة لإحياء مبادرة القاهرة العسكرية

لم يكن ما جرى في العاصمة القطرية الدوحة حدثًا عاديًا في سياق الصراع بالمنطقة، بل شكّل صدمة أعادت خلط الأوراق وكشفت هشاشة مظلة الحماية الدولية التي لطالما عوّلت عليها دول الخليج. 

ومع تسارع الدعوات لعقد قمة عربية إسلامية عاجلة، عادت إلى الأذهان مبادرة مصرية جريئة طرحها الرئيس عبد الفتاح السيسي عام 2015 بإنشاء قوة عربية مشتركة، مبادرة وُصفت آنذاك بأنها استباق للمستقبل، وها هي اليوم تُستدعى من جديد على وقع التطورات الدراماتيكية.

وفي مقابلة مع شبكة CNN الأميركية، أكد رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن بلاده تبحث مع شركائها في المنطقة عن "رد جماعي ذي مغزى يردع إسرائيل"، مشيرًا إلى وجود مشاورات مكثفة لعقد قمة عربية إسلامية في الدوحة خلال أيام. 

هذه التصريحات، وفق مراقبين، عكست فراغًا خطيرًا في منظومة الدفاع العربي المشترك، وطرحت السؤال الأهم: أين القوة التي تحمي العواصم العربية من أي اعتداء خارجي؟

الإجابة تقود مباشرة إلى القاهرة، حيث أطلق الرئيس السيسي قبل عشر سنوات مبادرة إنشاء قوة عربية مشتركة. المبادرة، التي أقرها مجلس جامعة الدول العربية بقرار رقم 628، كانت مشروعًا متكاملًا يحدد مهام واضحة، منها التدخل العسكري السريع لمواجهة التهديدات الإرهابية، والمشاركة في حفظ السلم والأمن، وحماية المدنيين في النزاعات، وتأمين الممرات البحرية والجوية. 

ببساطة، كانت الخطة جاهزة لتكون مظلة عربية صلبة تحمي الأمن القومي العربي.

غير أن خلافات الدول المحورية دفنت المشروع في مهده، ليُستبدل بأفكار بديلة لم تُطبق عمليًا، أبرزها التحالف الإسلامي العسكري بقيادة السعودية، الذي أُعلن في ديسمبر 2015 وضم 40 دولة، لكنه ظل بلا أثر ملموس في أي أزمة عربية كبرى، من اليمن إلى سوريا مرورًا بليبيا وفلسطين.

اليوم، وبعد استهداف الدوحة، تؤكد مصادر دبلوماسية عربية لـ"تفصيلة" أن النقاش حول إحياء فكرة القوة العربية المشتركة عاد بقوة داخل الأروقة. 

وتضيف هذه المصادر أن سفراء عربًا تبادلوا الرأي بجدية بعدما تبين أن الولايات المتحدة لم تتحرك لحماية قطر، رغم مكانتها كحليف استراتيجي واحتضانها أكبر قاعدة أميركية في المنطقة، وهو ما يعزز القناعة بأن الاعتماد على المظلة الأجنبية لم يعد مضمونًا.

من هنا، تبدو بصيرة القيادة المصرية في 2015 وكأنها كانت تقرأ مشهد 2025؛ فبينما لجأت بعض الدول مؤخرًا إلى طلب الحماية من بريطانيا وأميركا، كانت القاهرة قد طرحت منذ البداية خيارًا عربيًا خالصًا يعزز الاستقلالية ويؤسس لردع جماعي يحفظ الكرامة والسيادة.

وبينما تتسارع الأحداث وتترقب المنطقة نتائج القمة المرتقبة في الدوحة، يبقى السؤال مطروحًا بإلحاح: هل يستيقظ العرب أخيرًا ليبنوا قوتهم بأيديهم، أم يظلون أسرى لمعادلات حماية مستوردة لا تصمد ساعة الحقيقة؟

تم نسخ الرابط