الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم يوجه نداءً من قمة البريكس بالبرازيل

أكد الدكتور إبراهيم نجم، المستشار العام لمفتي الجمهورية والأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن العالم يقف اليوم عند منعطف تاريخي خطير، تتنازعه الحروب والنزاعات التي تمزق أوصال الدول وتخلِّف أزمات إنسانية متلاحقة، فضلًا عن التآكل المقلق في المنظومة القيمية والأخلاقية، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا للتماسك الاجتماعي والأمن والسلم العالمي.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها خلال مشاركته في مؤتمر القادة الدينيين لدول البريكس، المنعقد بمدينة ريو دي جانيرو البرازيلية يومي 4 و5 سبتمبر 2025.
أصوات الكراهية في زمن الأزمات وثورة الذكاء الاصطناعي
أوضح د. نجم أن أخطر ما يشهده العالم في خضم هذه الأزمات هو صعود أصوات الكراهية والتطرف، سواء الديني أو اللاديني، إلى جانب الانقسامات المتنامية بين البشر وفي الوقت ذاته، يعيش العالم ثورة تقنية غير مسبوقة، تتجسد في الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المتسارعة.
وأكد أن هذه التكنولوجيا تحمل فرصًا هائلة لتحسين حياة الإنسان وحل الكثير من التحديات، لكنها تحتاج إلى ضوابط أخلاقية صارمة تضمن توجيهها نحو الخير، حتى لا تتحول إلى أدوات هدم للقيم والمبادئ الراسخة التي تمثل جوهر الحضارات.
لا حلول إلا بالعودة إلى القيم الروحية
شدد الأمين العام على أن الحلول الجذرية للأزمات العالمية لن تأتي إلا بالعودة إلى القيم الروحية والأخلاقية التي تشكل جوهر الأديان، مشيرًا إلى أن الأديان عبر العصور كانت ولا تزال نبراس الهداية وبلسم الجراح لعالم مثخن بالأزمات.
وقال: "لا يجوز لنا أن نقف موقف المتفرج بينما العالم ينحدر بعيدًا عن قيم العدل والرحمة والكرامة، بل علينا أن نتحرك صفًا واحدًا لوقف هذا التدهور الخطير، وإعادة إحياء البوصلة الأخلاقية التي أرشدت البشرية عبر التاريخ".
المؤسسات الدينية حارس القيم.. والعلماء منارات وسطية
أوضح د. نجم أن المؤسسات الدينية العريقة ظلت عبر العصور الحارس الأمين للبوصلة الأخلاقية، وأن العلماء والمفتين كانوا دومًا منارات شامخة للوسطية والحكمة، قادرين على تعبئة الجهود الدولية وتوحيد المواقف لمواجهة المخاطر التي تهدد المجتمعات.
وأكد أن القيادات الدينية اليوم أمام مسؤولية جسيمة، تقتضي مضاعفة الجهود لتثبيت قيم العدل والسلام، ومواجهة خطاب الكراهية الذي يتسلل إلى المجتمعات عبر قنوات متعددة.
ذكرى المولد النبوي.. مناسبة لإحياء القيم الإنسانية
ولفت الأمين العام إلى أن انعقاد القمة تزامن مع ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، معتبرًا أن هذه المناسبة ليست مجرد احتفال ديني، بل فرصة متجددة لاستلهام دروس الرحمة والعدل والتسامح من السيرة النبوية، وترسيخ قيم التعايش والأخوة الإنسانية.
وأشار إلى أن الاحتفاء بالمولد الشريف يغرس قيم الصبر والبذل والتضحية، ويحوِّل التحديات إلى دوافع للمزيد من التضامن والعمل الجماعي، مؤكدًا أن سيرة النبي ﷺ زاد روحي يثبت الأقدام على طريق بناء مستقبل أفضل للبشرية.
مصر.. نموذج عالمي في توظيف الدين للسلام
أكد د. نجم أن مصر لم تدخر جهدًا في تفعيل دور الدين كقوة دافعة للسلام والاستقرار، مشيرًا إلى أن المؤسسات الدينية الكبرى وفي مقدمتها الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية تمثل نموذجًا رائدًا في مواجهة التطرف ونشر ثقافة الاعتدال والإفتاء الرشيد.
وأضاف أن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، برئاسة فضيلة المفتي أ.د. نظير محمد عياد، نجحت في أن تكون منصة جامعة للمفتين والعلماء من مختلف الدول، حيث توحّد المواقف وتواجه الغلو والتطرف، وتدعم مبادرات بناء السلام.
رسالة القادة الدينيين.. لا للكراهية ولا للإرهاب
وشدد د. نجم على أن المشاركة المصرية في هذه القمة تجسّد التزامًا راسخًا بدعم المبادرات الدولية التي تهدف إلى بناء جسور التواصل بين الشعوب والحضارات، ومواجهة خطابات الكراهية بقيم التسامح والاحترام المتبادل.