رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

احتفالا بالمولد النبوي.. الأزهر والأوقاف والطرق الصوفية يجتمعون في حضرة الإمام الحسين

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

في أجواء روحانية تعبق بنفحات الذكرى العطرة للمولد النبوي الشريف، شهد مقام الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما توافد وزير الأوقاف وقيادات الأزهر الشريف ومشيخة الطرق الصوفية، عقب الاحتفال الذي أقيم مساء اليوم بعد صلاة المغرب المشهد الذي جمع مؤسسات الدولة الدينية الكبرى مع رموز التصوف وأبناء آل البيت، حمل في طياته دلالات عميقة تتجاوز مجرد الطقوس، ليعكس وحدة الصف الوطني والديني في مواجهة تحديات المرحلة، ويؤكد على أن ذكرى مولد النبي ﷺ تبقى مناسبة جامعة تتلاقى فيها القلوب قبل الأيادي.

مواكب صوفية متوارثة عبر القرون

الطرق الصوفية، التي تعد جزءًا أصيلًا من النسيج الروحي والديني لمصر، تحرص على تنظيم ثلاثة مواكب سنوية كبرى، أصبحت جزءًا من التراث الشعبي والوجداني:

1. موكب رأس السنة الهجرية، الذي يعلن بداية عام هجري جديد بذكر الله والصلاة على النبي ﷺ.

2. موكب المولد النبوي الشريف، وهو الأضخم والأكثر حضورًا، حيث تتجمع الطرق الصوفية من مختلف المحافظات للاحتفال بذكرى مولد الحبيب المصطفى.

3. موكب رؤية هلال رمضان المبارك، الذي يجسد فرحة الأمة بقدوم شهر الصيام والرحمة.

هذه المواكب، على مر العصور، لم تكن مجرد استعراضات روحية، بل جسورًا تربط بين الأزهر والطرق الصوفية والجمهور، وتحمل رسالة محبة وتسامح تعبر عن الوجه المضيء للإسلام في مصر.

رسالة القصبي.. الأزهر المرجعية الكبرى

خلال كلمته، أكد الدكتور عبد الهادي القصبي، رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية، أن هناك تعاونًا وثيقًا وتنسيقًا كاملًا مع الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، مشددًا على أن الأزهر هو المؤسسة الأم التي تتبعها كل الطرق الصوفية، باعتباره الحصن الأول للوسطية الإسلامية وحامي الهوية الدينية للأمة.

وأشار القصبي إلى أن هذا التنسيق يتسع ليشمل أيضًا وزير الأوقاف ومفتي الجمهورية ونقيب الأشراف، بما يضمن وحدة الموقف الديني والمؤسسي في مصر، وهو ما يعكس انسجامًا غير مسبوق بين مؤسسات الدولة الدينية.

تكاتف الدولة الدينية لدعم الوطن

لم يكتفِ رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية ببيان مرجعية الأزهر، بل شدد كذلك على أن مؤسسات الدولة الدينية تقف صفًا واحدًا لدعم الدولة المصرية، في ظل الظروف الراهنة التي تتطلب من الجميع التكاتف في شتى المجالات.

وهذا الموقف يعكس وعيًا عميقًا لدى المؤسسة الدينية بأهمية اللحظة التاريخية التي تمر بها البلاد، حيث تتداخل التحديات الإقليمية والدولية، وتتعاظم الحاجة إلى خطاب ديني متزن يرسخ قيم التماسك الوطني.

التصوف.. مدرسة المحبة والذكر

الوجود الكثيف لأبناء الطرق الصوفية في حضرة الإمام الحسين، يحمل دلالة على أن التصوف في مصر لا يزال يحتفظ بمكانته الشعبية والروحية، باعتباره مدرسة للمحبة والذكر، تتجلى فيها قيم التسامح والسكينة والبعد عن الغلو والتشدد.

فالطرق الصوفية، التي تمتد جذورها إلى قرون بعيدة، كانت ولا تزال رافدًا من روافد الاعتدال الديني، بما تقدمه من ممارسات روحية تعزز محبة الرسول ﷺ وتعمق الارتباط بآل البيت. وقد استطاعت عبر التاريخ أن توازن بين حضورها الشعبي العريض وارتباطها بالمؤسسات الدينية الرسمية.

مقام الحسين.. قبلة روحية تجمع المصريين

لا يمكن إغفال الرمزية العميقة لمقام الإمام الحسين، الذي يحتل مكانة خاصة في وجدان المصريين فهو ليس فقط مزارًا دينيًا، بل قبلة روحية ووطنية تجمع بين محبة آل البيت ومشاعر الولاء الديني.

الاحتفال بالمولد النبوي في رحاب هذا المقام يحمل أبعادًا متعددة:

فهو تجديد للصلة بالرسول ﷺ وآل بيته الأطهار.

وهو تأكيد على وحدة الأمة تحت راية الأزهر.

وهو أيضًا رسالة إلى الداخل والخارج بأن مصر قادرة على الجمع بين الأصالة والتجديد في ممارساتها الدينية.

وحدة الصف.. الطريق إلى المستقبل

إن اجتماع وزير الأوقاف وقيادات الأزهر والطرق الصوفية في مقام الحسين لم يكن مجرد مناسبة دينية، بل كان مشهدًا وطنيًا بامتياز ففي وقت تتصاعد فيه محاولات بث الفرقة والتشكيك في ثوابت الأمة، يخرج هذا المشهد ليؤكد أن مصر بخير ما دام أزهرها وطرقها الصوفية ومؤسساتها الدينية متماسكة، تقف على قلب رجل واحد دفاعًا عن الوطن وعن رسالته الحضارية.

تم نسخ الرابط