رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

برنامج الطروحات.. هل تعيد الحوافز المرتقبة رسم خريطة الاستثمار في مصر؟

البورصة المصرية
البورصة المصرية

تحركات حكومية لتحويل برنامج الطروحات إلى أداة استراتيجية لدعم الاقتصاد، ليس فقط عبر توفير مصادر تمويل جديدة، بل من خلال تنشيط سوق المال وجذب استثمارات أجنبية نوعية عبر حزمة حوافز تتضمن توسيع قائمة الشركات المطروحة من نحو 35 إلى ما بين 40 و60 شركة.

وفي تصريحات صحفية يوم الاثنين، أعلن وزير المالية أحمد كجوك، أن الحكومة تعمل على إعداد حوافز لقطاع سوق المال والشركات العاملة فيه، من أجل تخفيف الأعباء عن المستثمرين.

وأشار إلى أنه جار حالياً التنسيق مع هيئة سوق المال وهيئة الرقابة المصرية لإعداد هذه الحوافز التي سيتم الإعلان عن تفاصيلها قريباً.

وتستهدف الحكومة المصرية طرح حصص في 11 شركة جديدة مملوكة للدولة قبل نهاية 2026، من بينها 5 شركات تابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، في خطوة تهدف إلى الحد من تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، وفتح المجال أمام الاستثمار الخاص.

ويجمع خبراء اقتصاديون وماليون تحدثوا مع «إرم بزنس» على أهمية برنامج الطروحات القادم، ويرون أن نجاحه يعتمد توفير ضمانات قوية للمستثمرين، والإفصاح عن تفاصيل عملية البيع، وتوجيه العائدات إلى مشروعات ذات قيمة مضافة، والعمل على تحقيق استقرار في السياسات الاقتصادية لزيادة ثقة المستثمرين المحليين والأجانب.

حوافز متنوعة

من جانبه، يتوقع الخبير المالي محمد عبد العال في حديثه أن تقدّم الحكومة حزمة من الحوافز غير المسبوقة، يمكن أن تشمل تبسيط الإجراءات القانونية والإدارية للمستثمرين الأجانب، وتقديم ضمانات حكومية لبعض المشروعات، بالإضافة إلى آليات تسعير مرنة للأصول المعروضة للبيع لضمان تحقيق أعلى عائد ممكن.

عبد العال أوضح أن جزءاً من حصيلة الطروحات سيُستخدم في سداد الديون الخارجية، مما يرسل رسالة إيجابية للمؤسسات الدولية حول قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها المالية.

وكانت الساحة الاقتصادية المصرية شهدت حراكاً جديداً بعد إطلاق برنامج الطروحات الحكومية قبل نحو 3 سنوات، والذي يمثل حجر الزاوية في استراتيجية الدولة لتعزيز دور القطاع الخاص وتقليص هيمنة القطاع العام.

أهداف استراتيجية

ولا يقتصر هدف برنامج الطروحات على مجرد توفير الدولار، بل يمتد ليشمل أهدافاً استراتيجية أوسع مثلما أوضح عبد العال فهي أولاً، تهدف إلى توفير سيولة دولارية مباشرة من خلال جذب المستثمرين الأجانب، وهو ما يساهم في تخفيف الضغط على سعر الصرف وتوفير احتياجات البلاد من الواردات الأساسية.

فيما يتمثل الهدف الثاني في تنشيط البورصة المصرية وجعلها أكثر جاذبية، حيث يُتوقع أن تؤدي إضافة شركات كبرى جديدة إلى زيادة قيمتها السوقية وعمقها، مما يجذب استثمارات جديدة من صناديق الاستثمار العالمية.

أما الهدف الثالث فيتعلق بتعزيز دور القطاع الخاص وتمكينه من إدارة الشركات بمرونة وكفاءة، وهو ما يزيد تنافسية الاقتصاد ويخلق فرص عمل جديدة.

وفي تعاملات الأسبوع الأخير من يوليو، سجلت البورصة المصرية مستويات غير مسبوقة، إذ بلغ المؤشر الرئيس مستوى 34554.2 نقطة للمرة الأولى في تاريخه، وزادت القيمة السوقية إلى 2.425 تريليون جنيه (49.8 مليار دولار)، وهي أكبر قيمة تحققها بورصة مصر.

حصيلة البرنامج

ومنذ انطلاق برنامج الطروحات في عام 2022 عندما أعلنت الحكومة عن وثيقة سياسة ملكية الدولة، حققت الحكومة تقدماً ملموساً، ووفقاً للبيانات الرسمية وتصريحات المسؤولين، أعلنت الحكومة المصرية في يوليو 2023 أنها نجحت في جمع 1.9 مليار دولار من بيع حصص في 14 شركة.

فيما توقع وزير المالية في تصريحات تليفزيونية أن يصل إجمالي العائد من الطروحات الجديدة بنهاية هذا العام 2025 من 3 إلى 4 مليارات دولار.

الشركات المطروحة

وتضم قائمة الشركات المطروحة أو المستهدفة للطرح مجموعة متنوعة موزعة على 18 قطاعاً، مما يعكس الرغبة في فتح كافة القطاعات أمام القطاع الخاص، ففي القطاع المالي والمصرفي، تم طرح حصص في بنك القاهرة والمصرف المتحد والبنك العربي الإفريقي الدولي.

وفي قطاع الطاقة والبترول، تم طرح حصص في محطات للطاقة المتجددة مثل محطة رياح جبل الزيت ومحطة رياح الزعفرانة، بالإضافة إلى شركات صناعية كبرى مثل موبكو، وأبو قير للأسمدة، وإيثيديكو، وإيلاب.

كما تمتد الطروحات لتشمل شركات تابعة لجهاز الخدمة الوطنية في قطاعات حيوية مثل وطنية وسايلو فودز وصافي، مما يؤكد على جدية الدولة في هذا الملف.

بالإضافة إلى شركات القطاع العقاري والتشييد مثل شركة النصر للإسكان والتعمير ومدينة نصر للإسكان والتعمير، وتواصل الحكومة العمل على استكمال بيع حصص في شركات أخرى، ضمن خطة تستهدف زيادة عدد الشركات المطروحة إلى 60 شركة خلال الفترة المقبلة.

سيولة دولارية

وفي ظل الأهداف الطموحة للبرنامج، يرى خبراء اقتصاديون ومن بينهم الخبير الاقتصادي مصطفى محرم خلال حديثه  أن برنامج الطروحات يوفر سيولة دولارية ما يمثل حلاً جوهرياً لأزمة نقص الدولار في مصر.

وعانت مصر من أزمة نقص حادة في الدولار أدت لارتفاع سعره إلى 70 جنيهاً في السوق الموازية، خلال الفترة التي سبقت تحرير سعر الصرف في 6 مارس 2024، قبل أن يستقر السعر حالياً إلى نحو 48 جنيها.

ويرى محرم أن نجاح برنامج الطروحات يتطلب شفافية كاملة في عملية التقييم والطرح، وإعطاء أولوية للشركات التي تتمتع بعوائد مرتفعة ومستقبل واعد، وهو ما يزيد جاذبيتها للمستثمرين.

ويشدد على ضرورة أن يتم توجيه الحصيلة الدولارية مباشرة إلى سداد جزء من الديون الخارجية، وبالتالي تقليل عبء خدمة الدين العام وإعادة الثقة في الاقتصاد المصري.
 

تم نسخ الرابط