رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

كسر البروتوكول.. مصر ترسم ملامح «عصر جديد» في العلاقات العربية.. (خاص)

الرئيس السيسي والأمير
الرئيس السيسي والأمير محمد بن سلمان

أرست الدبلوماسية المصرية خلال الساعات الماضية  مشهدا جديدا كسرت به قواعد المراسم التقليدية وأعادت تعريف لغة القمم العربية،  فمن نيوم، حيث استقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الرئيس عبد الفتاح السيسي بعناقٍ حار وصورة لافتة داخل السيارة، إلى العلمين، حيث تولّى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قيادة سيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي  وجلس إلى جانبه على مائدة إفطار عفوية، توالت اللقطات لتؤكد أن العلاقات المصرية مع حلفائها الخليجيين دخلت مرحلة مختلفة وهى  مرحلة "الدبلوماسية العفوية"، التي تتحدث بالصورة حيث تعجز البيانات الرسمية عن التعبير.

البداية كانت في السعودية، حيث كان الاستقبال حارا منذ لحظة نزول الرئيس عبد الفتاح السيسي  من الطائرة، فلم يقتصر " عناق الزعيمين " على مراسم الوصول بل تكرر بنفس الحميمية في الوداع بعد ساعات قليلة من المباحثات الثنائية،  وبين المشهدين، التقطت الكاميرات صورة للزعيم السعودي محمد  سلمان وهو يجلس بجانب الرئيس المصري داخل السيارة، يربط حزام الأمان في لقطة أثارت تفاعلا واسعا على مواقع التواصل، حيث بدا الأمر وكأنه مشهد من الحياة اليومية بين صديقين، لا لقاء بين رئيس دولة وولي عهد.

بعد ساعات فقط، انتقلت الصورة من نيوم إلى العلمين، هناك كان محمد بن زايد في زيارة أخوية امتدت أياما، لكنها حملت رسائل أعمق من أي جدول أعمال سياسي، فبدلًا من الاستقبال الرسمي المطوّل، خرج الزعيم الإماراتي ويقود سيارة الرئيس المصري على أرضه، في لقطة رمزية اعتُبرت إعلانا عن مستوى غير مسبوق من الثقة بين الزعيمين،  ولم يتوقف الأمر عند ذلك؛ ففي صباح اليوم التالي جلس " السيسي وبن زايد" على مائدة إفطار بسيطة، بعيدا عن أي طابع بروتوكولي، ليتنشر الفيديو القصير الذي وثّق اللحظة،  فسرعان ما انتشر على المنصات، وتحول الفيديو إلى مادة احتفاء شعبي بعمق الأخوة بين البلدين.

هذه المشاهد المتتابعة، وإن بدت عفوية، فإنها تحمل رسائل سياسية محسوبة  بحسب الخبراء والمراقبون،  فهي تأتي في وقت تحاول فيه بعض وسائل الإعلام المعادية الترويج لوجود خلافات بين مصر وحلفائها الخليجيين، لكن الصور التي خرجت من نيوم والعلمين قدّمت الرد الأوضح وهو أن  العلاقات ليست فقط رسمية، بل إنسانية وشخصية، قائمة على أخوة ممتدة ومصير مشترك، كما أن  مشهد السيارة والعناق ومائدة الإفطار كان أقوى من أي بيان، وأعمق تأثيرا من أي تصريح.

دلالات رمزية أخوية

من جهته يرى الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، أن ما حدث لا يمكن اعتباره مجرد خروج عن المراسم، واصفا هذه التصرفات بأنها تحمل دلالات رمزية مهمة تعكس طبيعة العلاقات الأخوية الوثيقة بين القاهرة وأبوظبي والرياض.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية  في حديثه لـ«تفصيلة»، نحن أمام دبلوماسية غير تقليدية، تضع الود والثقة في قلب السياسة، وهو أسلوب تتبعه بعض الدول الكبرى مع حلفائها المقربين، لكنه نادر في مناطق أخرى تتمسّك بالبروتوكول الصارم.


ونوه  أن تتابع الزيارتين في فترة زمنية قصيرة يعكس زخمًا سياسيًا خاصًا، ويؤكد أن الملفات الإقليمية من غزة إلى أمن البحر الأحمر تُدار في إطار تنسيق عربي متماسك.

وما بين القيادة المشتركة للسيارة، ومائدة إفطار عائلية، وعناق حار يتكرر في الاستقبال والوداع، دشّنت القاهرة مع شركائها الخليجيين نهجًا جديدًا في العلاقات، هو  نهجًا يكسر البروتوكول لكنه يرسّخ الثقة، ويعلن أن السياسة العربية تدخل عصر الصور واللقطات العفوية، حيث تُدار القمم بروح العائلة لا بلغة المراسم.

تم نسخ الرابط