هل يتعارض الحجاب مع الرياضة؟.. جدل الشرع وصوت الملاعب

منذ أن خطت المرأة أولى خطواتها داخل الملاعب والساحات الرياضية، اشتعل الجدل حول مشاركتها بين من يراها حقًا مشروعًا ومن يعتبرها خروجًا عن الأطر الشرعية والاجتماعية.
وبين الفتاوى والأنظمة الرياضية الدولية، تحولت قضية "الحجاب في الرياضة" إلى ملف ساخن يتداخل فيه الدين والمجتمع والهوية من جهة، وضغوط المنافسة والبطولات من جهة أخرى.
الأصل الشرعي: قوة البدن لا تتعارض مع قوة الإيمان
الإسلام دين يحث على القوة الجسدية إلى جانب الروحية، وقد ورد في الحديث الشريف: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف» [رواه مسلم].
كما تسابقت السيدة عائشة رضي الله عنها مع النبي ﷺ، وأمر الرسول بتعلم السباحة والرماية وركوب الخيل، مما يعكس إباحة ممارسة الرياضة للنساء بشرط الالتزام بالضوابط.
ضوابط المشاركة النسائية
الفتاوى الشرعية حددت ضوابط أساسية لمشاركة المرأة في الرياضة، أبرزها:
الالتزام بالحجاب والستر الشرعي وعدم ارتداء ملابس ضيقة أو كاشفة.
تجنب الاختلاط المثير للفتنة بين الجنسين.
عدم التشبه بالرجال في المظهر والسلوك.
أن يكون الهدف من الرياضة تقوية البدن والصحة، لا التبرج أو الشهرة.
الحجاب في الملاعب.. من الحظر إلى الاعتراف
سنوات طويلة حُرمت اللاعبات المحجبات من المشاركة الدولية بدعوى "سلامة الرأس" أو "توحيد الزي"، حتى جاء عام 2014 ليشهد قرار الفيفا بالسماح بالحجاب الرياضي بعد ضغوط واسعة من اتحادات إسلامية ومنظمات حقوقية.
ورغم ذلك، يؤكد علماء الشريعة أن الحجاب فريضة ثابتة لا تسقط في أي حال، استنادًا لقوله تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [النور: 31].
تعدد الفتاوى بين التشدد والانفتاح
اتجاه متشدد: يرى أن مشاركة المرأة في الرياضة العامة غير جائزة مطلقًا بسبب الاختلاط وكشف العورة.
اتجاه معتدل: يجيز الرياضة ضمن شروط شرعية واضحة، أبرزها الحجاب وعدم الاختلاط.
اتجاه منفتح: يؤكد أن الرياضة حق للمرأة وأن الحجاب لا يتعارض مع ممارستها، بل يمنحها هوية ورسالة.
الجدل حول المرأة والرياضة ليس صراعًا بين الدين والحداثة، بل معركة وعي واجتهاد متوازن، فإذا التزمت المرأة بالحجاب، وابتعدت عن مواطن الفتنة، ومارست الرياضة في بيئة منضبطة، فإنها تجمع بين الطاعة والتميز، لتبقى صورة اللاعبة المحجبة أيقونة تؤكد أن الهوية الإسلامية لا تتناقض مع النجاح الرياضي.