رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

السحر في ميزان الدين والعقل.. خرافة أم حقيقة غيبية؟

تعبيرية
تعبيرية

يظل موضوع السحر أحد القضايا الجدلية التي تشغل عقول الناس منذ قرون، إذ يتقاطع فيه البعد الغيبي مع الممارسات الشعبية، ويختلط فيه الدين بالخرافة. 

ورغم أن الأديان السماوية، وفي مقدمتها الإسلام، أكدت حقيقة السحر وحذرت من خطورته، فإن انتشار الدجالين والمشعوذين الذين يستغلون حاجة البسطاء، جعل الظاهرة تتسع حتى صارت تمثل معضلة اجتماعية لا يمكن تجاهلها.

السحر في القرآن والسنة

أكد علماء الأزهر الشريف أن السحر حقيقة لا يمكن إنكارها، فقد ذكره القرآن الكريم في مواضع عدة، منها قوله تعالى: «وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر»، كما أشاروا إلى أن النبي ﷺ عدّه من الكبائر في قوله: «اجتنبوا السبع الموبقات»، وذكر منها السحر.

ويشير الدكتور أحمد عبد الغني، أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، إلى أن السحر نوعان: الأول ما يكون مجرد تخييل وخداع بصري يؤثر على مشاعر الناس ويجعلهم يظنون ما ليس بحقيقة، كما ورد في قصة سحرة فرعون، والثاني ما يكون له تأثير حقيقي على الأبدان والعقول بقدرة الله، لكنه لا يتم إلا بإذن من الله تعالى، وهو ابتلاء للناس.

الرقية الشرعية.. العلاج المشروع

يرى علماء الشريعة أن العلاج من السحر يكون بالرقية الشرعية المعتمدة على القرآن الكريم والأدعية النبوية، مثل قراءة الفاتحة، وآية الكرسي، والمعوذتين، مع الالتزام بذكر الله والتحصن بالأذكار اليومية.

ويؤكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن الرقية ليست حكرًا على أشخاص بعينهم، بل يمكن لكل مسلم أن يرقي نفسه وأهله بالآيات والأدعية المأثورة، دون الحاجة إلى وسيط، مشددًا على أن تحويل الرقية إلى تجارة أو وسيلة للكسب المادي يتعارض مع مقاصد الشرع.

المشعوذون والدجل.. تجارة الوهم

ورغم وضوح موقف الدين، إلا أن المشعوذين والدجالين وجدوا بيئة خصبة للانتشار، خاصة في المجتمعات التي يغلب عليها الجهل أو ضعف الثقافة الدينية. 

فبمجرد أن تصاب أسرة بأزمة صحية أو نفسية، يتوجه بعض أفرادها إلى "الشيخ" أو "المعالج الروحاني"، الذي يطلب مبالغ طائلة ويقدم وصفات غريبة تتراوح بين أوراق ملفوفة، وأحجبة مكتوبة بعبارات غير مفهومة، بل أحيانًا بآيات قرآنية ممزوجة برموز وطلاسم شركية.

البعد النفسي للسحر.. رأي الطب

من جانب آخر، يرى عدد من الأطباء النفسيين أن كثيرًا من الحالات التي يُعتقد أنها سحر أو مسّ، ليست إلا أعراضًا نفسية تحتاج إلى علاج علمي.

ويقول الدكتور سامي عبد العزيز، أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس: «الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب، والوسواس القهري، واضطراب الهلع، قد تجعل المريض يتوهم أن ما يحدث له من أعراض سببه سحر أو عين. وفي هذه الحالة، يذهب البعض إلى المشعوذين بدلًا من استشارة الأطباء، فيتفاقم المرض».

ويضيف: «العلم لا ينكر وجود الغيب، لكن على الناس أن يفرقوا بين الحالات الطبية التي تحتاج إلى علاج دوائي أو جلسات نفسية، وبين الحالات التي قد تكون ابتلاءً روحيًا الجمع بين العلاج الديني والنفسي هو الحل الأمثل».

المجتمع بين الإيمان بالخرافة والبحث عن اليقين

يرى خبراء الاجتماع أن انتشار السحر والدجل مرتبط بضعف الوعي الديني والتعليمي، إلى جانب الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تجعل الناس أكثر عرضة للتعلق بالحلول السحرية.

وتشير الدكتورة منى حسين، أستاذة علم الاجتماع بجامعة القاهرة، إلى أن «الثقافة الشعبية في كثير من القرى والأحياء ما زالت تؤمن بقوة "الأعمال" وتأثيرها على الزواج والرزق والصحة، وهو ما يفسر استمرار لجوء البعض إلى المشعوذين رغم التقدم العلمي».

وتضيف أن الحل يكمن في تعزيز التوعية الدينية الصحيحة، ونشر الثقافة العلمية، وإيجاد قنوات دعم نفسي واجتماعي للفئات الضعيفة، حتى لا يصبحوا فريسة سهلة للدجالين.

كيف يتحصن المسلم من السحر؟

اتفق علماء الدين على أن التحصن من السحر يكون بالالتزام بالعبادات والطاعات، وحفظ اللسان من المعاصي، والمداومة على قراءة أذكار الصباح والمساء، وخاصة آية الكرسي والمعوذتين. كما نصحوا المسلمين بالتوكل الكامل على الله، والبعد عن الخرافات.

تم نسخ الرابط