فتاوى تحريضية وسرديات مغلوطة.. أدوات الإخوان لتشويه الدور المصري في غزة

وسط الجمود الذي يخيم على مسار مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تواجه مصر حملة تحريضية منظمة تسعى لتقويض دورها المحوري في الملف الفلسطيني.
هذه الحملة تستند إلى سردية تجويع أهل غزة وتوجه اتهامات مباشرة إلى القاهرة، متجاهلة الحقائق السياسية والميدانية على الأرض.
استهداف مباشر للدور المصري
تركّز الحملة على تحميل مصر وحدها مسؤولية الأزمة الإنسانية المتفاقمة، متناسية أن إسرائيل هي من تفرض الحصار وتغلق معظم المعابر.
وتعمل هذه الرواية على تهميش الجهود المصرية المستمرة من أجل التهدئة وإدخال المساعدات، وتسعى إلى تصوير مصر كطرف متواطئ في المعاناة، لا كوسيط يسعى للحل.
وتلعب جماعة الإخوان الإرهابية دورًا رئيسيًا في الترويج لهذه السردية، مستخدمة خطابًا يستهدف تشويه صورة القاهرة، وإظهارها كحائط صدّ أمام الدعم للفلسطينيين، متجاهلة في الوقت ذاته كل الأدوار اللوجستية والسياسية التي تقوم بها مصر في سبيل وقف القتال.
فتاوى تحريضية
لم تقتصر الحملة على الأدوات السياسية والإعلامية، بل اتخذت طابعًا دينيًا تحريضيًا خطيرًا، حيث صدرت دعوات صريحة عبر منابر محسوبة على التيارات الإسلامية الراديكالية تدعو شعبي الأردن ومصر لاقتحام الحدود مع غزة.
وأصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين – الذي توصف علاقاته بأنها مشبوهة – فتاوى تعتبر دعم غزة فريضة جهادية، وتحمل أي جهة لا تقوم بهذا الواجب مسؤولية شرعية.
كما وُجهت ضغوط مكثفة لمؤسسة الأزهر الشريف في محاولة لانتزاع موقف ديني داعم لهذه الرواية.
منصات إعلامية ومنابر إلكترونية
بالتوازي مع الخطاب الديني، شنت قنوات ومنصات إلكترونية محسوبة على التنظيم حملة إعلامية واسعة، حملت مصر فيها مسؤولية إغلاق معبر رفح، بينما تجاهلت عمدًا مسؤولية إسرائيل المباشرة عن الحصار.
كما جرى تنظيم وقفات احتجاجية أمام السفارات المصرية في الخارج، أبرزها وقفة أمام السفارة المصرية في تل أبيب بدعوة من الإخوان.
وشارك في هذه التظاهرة قيادات إخوانية، وكان من بينهم كمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية، ورائد صلاح، رئيس جماعة الإخوان، برفقة مجموعة أخرى من أنصار الجماعة.
اللافت أن هذا الوقفة الاحتجاجية حصلت على تصريح من وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، أحد رعاة حرب الإبادة في غزة.
وحاولت هذه المنابر الربط بين الموقف المصري من الحرب ومجمل سياسته الداخلية، في إطار حملة تشويه موسعة تُدار عبر الإعلام الموجه ووسائل التواصل الاجتماعي.
رد مصري حازم
في مواجهة هذا التصعيد، رفضت مصر الحملة التحريضية، وحملت إسرائيل كامل المسؤولية عن الوضع في غزة.
وأكدت القاهرة أن معبر رفح لم يُغلق أبدًا من جانبها، بل إن المساعدات جاهزة للدخول فور توفر التنسيق الأمني اللازم مع الجانب الإسرائيلي.
محاولات بائسة لتقويض الجهود المصرية
الدكتور هشام النجار الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي وصف هجوم هذه الجهات المحرضة ضد مصر بـ"مقاومة الفنادق" التي تقيم في الخارج وتحرض شعوب المنطقة على التصعيد، دون أن تتحمل أي تبعات فعلية.
وقال النجار لـ"تفصيلة"، إن النفاق السياسي والديني الذي تمارسه تلك الجهات التي تحركها جماعة الإخوان، محاولات بائسة لتقويض الجهود المصرية لوقف إطلاق النار في غزة ودعم الدولة الفلسطينية.
من جانبه، قال الدكتور عبد المنعم سعيد، المفكر السياسي، إن المشاركين في التظاهرات أمام السفارة المصرية في تل أبيب لم يكن لديهم من الشرف ما يكفي للانضمام إلى الاحتجاجات التي دعا إليها إسرائيليون أنفسهم للمطالبة بوقف الحرب على غزة وإطلاق سراح الأسرى.
وأضاف سعيد أن هؤلاء ينتمون إلى عرب الجليل الذين فشلوا حتى اليوم في تشكيل حزب موحّد يمثلهم بفعالية داخل الكنيست الإسرائيلي، رغم قدرتهم على حصد ما بين 15 إلى 20 مقعدًا لو توحدوا، وبالتالي تشكيل قوة سياسية مؤثرة.
وأكد أن اتحادهم الآن ضد مصر لا يستحق حتى الرد عليه، مشددًا على أهمية تجاهل مثل هذه التحركات والتركيز بدلًا من ذلك على تعزيز عناصر القوة المصرية، وطرح حلول واقعية تسهم في استقرار الإقليم وتعزيز فرص السلام.
كما أشار إلى أن جماعة الإخوان لا تزال تمارس تحركاتها التآمرية ضد مفهوم الدولة الوطنية، معتبرًا أن أول انكسار حقيقي للتنظيم قد وقع في مصر، وهو ما يجب أن يستمر ويتعزز.