دراسة حديثة: فيروس كورونا تسبب في تسريع شيخوخة الدماغ لدى المصابين به

كشفت دراسة جديدة أن فيروس كورونا تسبب في تسريع شيخوخة أدمغة البشر بنحو 5.5 أشهر، مما يؤثر سلبًا على القدرات الإدراكية.
وبينما انصب التركيز سابقًا على الفيروس نفسه، تشير النتائج الحديثة إلى أن الجائحة كان لها تأثير كبير أيضًا على الصحة الإدراكية، خاصة فيما يتعلق بشيخوخة الدماغ المرتبطة بكوفيد-19.
تضمن البحث تحليل صور دماغية لألف شخص أُجريت لهم مسوحات أثناء تفشي الجائحة، وقورنت بصور أُجريت خلال فترات "طبيعية"، لتكون بمثابة معيار لقياس الشيخوخة الدماغية الاعتيادية.
هل يؤدي كوفيد-19 إلى تسريع شيخوخة الدماغ؟
تقدم دراسة نُشرت في مجلة Nature Communications رؤى مثيرة حول كيفية تأثير العيش خلال هذه الأزمة غير المسبوقة على شيخوخة الدماغ – حتى إن لم يُصب الشخص بالفيروس.
ومن أبرز استنتاجات الدراسة أن الأفراد الذين عاشوا خلال الجائحة أظهروا علامات شيخوخة دماغية أسرع بمعدل 5.5 أشهر مقارنة بمن خضعوا للفحص قبل الأزمة.
وكان هذا التسارع واضحًا بغض النظر عن الإصابة بكوفيد-19، مما يشير إلى أن عوامل غير متصلة بالعدوى – مثل التوتر وتغيّر نمط الحياة – لعبت دورًا رئيسيًا.
كيف قيّم الباحثون التأثير؟
قام الباحثون بتقييم عدة مؤشرات، منها:
وظيفة الدماغ.
المهارات المعرفية.
العمر الزمني للدماغ.
وقالت الدكتورة نيها كابور: "أظهرت صور الدماغ الأولية والدراسات السابقة أن المصابين بكوفيد-19، خصوصًا أصحاب الحالات المتوسطة إلى الشديدة، أظهروا انخفاضًا في المادة الرمادية بالمناطق المسؤولة عن الذاكرة وتنظيم المشاعر، وهو ما يشبه التغيرات المبكرة المصاحبة لبعض الأمراض العصبية التنكسية".
كيف يؤثر كوفيد على الدماغ؟
خلال الجائحة، عانى الكثيرون من اضطرابات حياتية شديدة، أبرزها:
انخفاض التفاعل الاجتماعي.
زيادة العزلة.
تراجع النشاط البدني.
ضغط نفسي مستمر.
وقد ساهمت هذه العوامل مجتمعة في تسريع شيخوخة الدماغ، حسب نتائج الدراسة.
ويؤكد البحث أن أنشطة الحياة اليومية تؤثر بشكل مباشر على صحة الدماغ، وأن التغيرات المجتمعية الكبرى مثل جائحة كوفيد-19 قد تخلّف آثارًا طويلة الأمد، حتى لدى الأفراد الأصحاء.
وأضافت كابور: "ليست العدوى الشديدة بكوفيد فقط هي ما تثير استجابة التهابية في الدماغ، بل حتى العدوى الخفيفة قد تؤدي إلى تلف في المسارات العصبية، وتراجع في القدرات الإدراكية مثل الانتباه، الذاكرة، واتخاذ القرار".
من الأكثر عرضة لتسارع الشيخوخة الدماغية؟
كشفت الدراسة أن التأثير لم يكن موحدًا، بل ظهر بشكل أوضح في:
الرجال وكبار السن.
المصابين بمشكلات صحية سابقة.
من يعملون في وظائف غير مستقرة.
فقد أظهرت الفئة الأخيرة شيخوخة دماغية إضافية بمعدل 5 أشهر، بينما شهد من يعانون من ضعف صحي شيخوخة أسرع بنحو 4 أشهر مقارنة بالأصحاء.
كيف أثرت الجائحة على القدرات الإدراكية؟
من اللافت أن المصابين بكوفيد فقط أظهروا تراجعًا إدراكيًا ملحوظًا، لكن الأشخاص غير المصابين أظهروا أيضًا علامات على تسارع شيخوخة الدماغ، ما يبرز الآثار النفسية والاجتماعية للجائحة، وليس فقط الجسدية.
كيف تحافظ على صحة دماغك؟
رغم أن الدراسة لم تقدم توصيات مباشرة لمكافحة الشيخوخة الدماغية، فإنها أشارت إلى أهمية نمط الحياة الصحي، خاصة في أوقات الأزمات، ومن أبرز النصائح:
النظام الغذائي الصحي: تناول أطعمة غنية بأوميغا 3، مضادات الأكسدة، والفيتامينات.
ممارسة الرياضة بانتظام: تساعد في تحسين الحالة المزاجية والوظائف الإدراكية.
الحصول على نوم كافٍ: ضروري لتقوية الذاكرة وتحسين أداء الدماغ.
التفاعل الاجتماعي: يقلل من العزلة ويعزز الصحة العقلية.
التحديات المعرفية: مثل القراءة، حل الألغاز، وتعلم مهارات جديدة، مما يعزز المرونة الذهنية.
ويؤكد الباحثون على أهمية دمج الفحص الإدراكي والدعم النفسي ضمن برامج الرعاية بعد كوفيد-19، للحماية من الآثار طويلة الأجل على الدماغ.