رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

الرقابة الغائبة والواقع المجهول.. جامعات خاصة تثير الجدل في الوسط التعليمي

الخريجين
الخريجين

في مشهد بات مألوفًا على خريطة التعليم الجامعي في مصر، تواصل بعض الجامعات الخاصة الظهور المفاجئ تحت أسماء براقة وشعارات رنانة، لكنها في الواقع لا تقدم سوى خدمات محدودة، وسط غياب المعايير الأكاديمية وتهميش واضح للهوية التعليمية.

الشهادات مقابل الشيكات

في صدارة هذا المشهد، تطفو أسماء مثل "ميريت"، "سفنكس"، "مايو"، "الحياة"، و"الابتكار"، كمؤسسات تعليمية تستثمر في طموحات الأسر المصرية دون أن تقدم المقابل العلمي أو المهني الحقيقي.

جامعة ميريت في سوهاج أصبحت حديث طلاب مواقع التواصل الاجتماعي، ليس لجودة برامجها، بل لكونها "جامعة بلا ملامح". 

فرغم ما تروّج له عن نفسها، إلا أن ضعف التجهيزات، وانعدام الأثر الأكاديمي الملموس، وغياب الشراكات العلمية، جعلها تُوصف بأنها "مبنى جميل بلا تعليم".

التعليم في خطر

جامعة سفنكس بأسيوط ليست أفضل حالًا؛ من الخارج، مبانٍ حديثة ولوحات لامعة، لكن من الداخل يشكو الطلاب من غياب الأساتذة، وسوء الإدارة، وانعدام أي رؤية تربط المناهج بسوق العمل. 

الحسابات الرسمية تحاول الظهور بمظهر الجامعة الدولية، بينما الواقع يشير إلى أن أقسامها تعمل بأعداد محدودة من أعضاء هيئة التدريس، وسط تساؤلات لا تنتهي عن اعتماد البرامج الدراسية.

أما جامعة مايو بالقاهرة، فقد تحولت إلى "حالة ساخرة" على لسان طلاب كليات العلاج الطبيعي، الذين وصفوا مصروفاتها بأنها "أقرب إلى رهن عقاري"، مقابل شهادة غير معترف بها دوليًا ولا تضمن أي فرص حقيقية بعد التخرج؛ لا توجد معايير قبول واضحة، ولا سياسة شفافة، فقط أسعار مرتفعة وتراخيص تغلفها الضبابية.

جامعة الحياة بدورها باتت محل انتقادات متصاعدة من أولياء الأمور والطلاب، الذين فوجئوا بفارق شاسع بين وعود الإدارة على الورق والواقع على الأرض. 

الجامعة تمتلك موقعًا إلكترونيًا باهتًا، وخدمات طلابية محدودة، وانعدامًا واضحًا للأنشطة العلمية أو التنافسية، ورغم ذلك، تواصل إعلانها المستمر عن "توسعات قادمة"، في مفارقة تطرح سؤالًا واحدًا: التوسعات لأي محتوى؟

أما جامعة الابتكار، فتوصف بأنها "جامعة اسمها أكبر منها"، تتحدث عن ريادة الأعمال وبرامج الذكاء الاصطناعي، لكنها لا تمتلك معامل متكاملة أو اتفاقيات تعاون بحثي موثقة. 

كما نشرت حسابات طلابية على منصات التواصل صورًا لمعامل مغلقة ومرافق غير مكتملة، في جامعة يُفترض أن تجهّز طلابها لأسواق المستقبل.

جامعات بلا هوية

الظاهرة التي تجمع بين هذه الجامعات أنها تتحرك في الظل، خارج رقابة حقيقية، ولا ترتبط بأي مشروع وطني لتطوير التعليم، ولا تنتمي إلى المنظومة التعليمية التي أطلقت الجامعات الأهلية الكبرى. 

كل واحدة تعمل ككيان تجاري يبيع الحلم مقابل "فاتورة"، دون ضمان للمستقبل.

الطلاب يدفعون مقدمات بعشرات الآلاف من الجنيهات مقابل برامج لم تُختبر أكاديميًا، وهيئات تدريسية لم تُفصح الجامعات عن مؤهلاتها كاملة. 

الكارثة أن بعض هذه الجامعات لا تمتلك مستشفيات جامعية، أو مكتبات علمية حقيقية، أو حتى بوابات إلكترونية تؤهلها لمنافسة أي جامعة إقليمية.

تساؤلات المواطنين

ومع تصاعد عدد هذه الكيانات، بات السؤال الحتمي: أين الدولة من هذا النمو العشوائي؟ وأين وزارة التعليم العالي من مراجعة جودة التعليم؟ وكيف يمكن القبول بأن يتحول مستقبل آلاف الطلاب إلى مجرد استثمار خاص، تقوده شركات لا تعبأ إلا بالتحصيل المالي؟

تم نسخ الرابط