هل تنجح مصر في إنهاء هيمنة الدولار عبر اليوان الصيني؟

وقعت مصر والصين حزمة من الاتفاقيات النقدية والمالية تهدف إلى توسيع الشراكة الاقتصادية بين البلدين، بما يشمل تسوية المدفوعات بالعملات المحلية، وربط أنظمة الدفع الإلكتروني، وفتح آفاق جديدة للاستثمارات الصينية في السوق المصرية.
مذكرات تفاهم استراتيجية
شهد مقر البنك المركزي المصري توقيع ثلاث مذكرات تفاهم بين محافظ البنك المصري حسن عبد الله ونظيره الصيني بان قونج شنج، تتصدرها اتفاقية مبادلة العملات بين الجنيه المصري واليوان الصيني، إلى جانب التوسع في تسوية المدفوعات الثنائية بالعملات المحلية، وإصدار سندات الباندا الصينية في السوق المصرية.
كما جرى توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية بين بنك قناة السويس، وشركة تيدا الصينية الإفريقية، وشركة CIPS المشغّلة لنظام المدفوعات البنكية في الصين، بهدف تسريع استخدام اليوان في التبادلات المالية والتجارية.
ربط أنظمة الدفع وتوسيع قبول بطاقات UnionPay
في إطار تعزيز الربط المالي بين القاهرة وبكين، وقّعت شركة UnionPay الصينية بروتوكولين مع شركتي بنوك مصر وباي موب، ما يتيح توسيع قبول البطاقات الصينية في السوق المصرية، وتسهيل الدفع للمواطنين والسياح الصينيين، وتشجيع التجارة الإلكترونية بين البلدين.
سندات الباندا
ناقش الجانبان إصدار سندات الباندا لأول مرة من جانب الحكومة المصرية، وهي أدوات دين تصدر باليوان وتُطرح في بورصات الصين.
تمثل هذه الخطوة تحولا في سياسة الاقتراض الخارجية، عبر تنويع الأسواق بعيدًا عن مصادر التمويل الغربية، في ظل ارتفاع تكلفة الاقتراض بالدولار عالميًا.
تشير هذه الاتفاقيات والتحركات إلى مرحلة جديدة من التعاون المصري الصيني، تتجاوز التجارة والاستثمار، لتشمل تكاملًا نقديًا وماليًا متصاعدًا، ما يُعزز سيادة مصر النقدية، ويمنحها أدوات بديلة لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، وتوسيع نطاق العلاقات مع أكبر شركاءها الآسيويين، وفق الخبير الاقتصادي محمد عبد الرحيم.
شراكات استثمارية راسخة
تحتضن مصر أكثر من 2800 شركة صينية بإجمالي استثمارات تفوق 8 مليارات دولار، تتوزع على قطاعات حيوية مثل الصناعة، والطاقة، والبنية التحتية.
أبرز المشروعات المشتركة:
- مشروع منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية، بقيمة 3.8 مليار دولار، تنفذه شركة CSCEC الصينية.
- القطار الكهربائي الخفيف الذي يربط القاهرة بالعاصمة الإدارية، باستثمارات تجاوزت 1.2 مليار دولار.
- مشروع طاقة الرياح في خليج السويس بقدرة 1100 ميجاواط.
- شراكات صناعية مع "جيلي" و"بكين أوتوموتيف" لتصنيع السيارات التقليدية والكهربائية محليًا.
استحوذت الشركات الصينية على أكثر من 60% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التي جذبت أكثر من 4 مليارات دولار من الصين وحدها خلال 3 سنوات.
وتجري محادثات لإنشاء أول بنك صيني في مصر لتعزيز تسويات المدفوعات وتقليل الاعتماد على الدولار.
عضوية بريكس وتعزيز المبادلات بالعملات المحلية
استفادت مصر من عضويتها الجديدة في تكتل بريكس إلى جانب الصين، عبر دعم التوجه نحو التجارة بالعملات المحلية، وهو ما نص عليه إعلان قازان الصادر عن قمة أكتوبر 2024.
وأكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أن مصر تسعى لتعظيم الاستفادة من عضوية بريكس، لا سيما في مجالات الاستثمار، وتوطين التكنولوجيا، والتكامل الصناعي في منطقة قناة السويس.
اليوان يدخل السوق المصرية
وقال عبد الرحيم، إن المبادلات التجارية باليوان تسهم في تخفيض تكاليف التحويل وتقلبات أسعار الصرف، وتعزز مرونة التجارة بين مصر والصين.
وأشار إلى فرص تصديرية واعدة للسلع المصرية في السوق الصينية، أبرزها: القطن، الموالح، العنب، الشوكولاتة، مؤكدًا قدرة هذه المنتجات على المنافسة في آسيا.
وفي ظل التوترات التجارية العالمية، تعزز مصر موقعها كمركز استراتيجي ضمن مبادرة الحزام والطريق الصينية، خاصة من خلال توسع منطقة تيدا الصناعية بالعين السخنة من 700 ألف إلى أكثر من 7 ملايين متر مربع، مما يعكس تصاعد الطلب الصيني على استخدام مصر كبوابة للأسواق الإقليمية في الشرق الأوسط وأفريقيا.