كيف أثر حريق سنترال رمسيس على خدمات الدفع الإلكتروني؟

عادت خدمات الدفع الإلكتروني إلى العمل بشكل شبه كامل بعد انقطاع دام لساعات، إثر الحريق الكبير الذي اندلع عصر الأحد داخل سنترال رمسيس في وسط القاهرة.
وأكدت مصادر حكومية لـ"تفصيلة"، أن فرق الدعم الفني نجحت في استعادة الخدمة تدريجيًا منذ مساء أمس، موضحة أن أنظمة كاش وخدمات الدفع الرقمي الأخرى تعمل حالياً بكفاءة في معظم المناطق.
بعض المناطق لا تزال متأثرة
رغم عودة الإنترنت بشكل تدريجي، إلا أن بعض المناطق لا تزال تعاني من بطء واضح في السرعة أو ضعف في الإشارة، خاصة في مناطق القاهرة الكبرى، نتيجة الأضرار التي لحقت بكابلات الفايبر الدولية، وهي مكونات حساسة من البنية التحتية للاتصالات، وفق المصادر.
سبب الحريق
الحريق اندلع داخل غرفة موظفي قسم تكنولوجيا المعلومات (IT) في الطابق السابع من المبنى الرئيسي لسنترال رمسيس، قبل أن يمتد بسرعة إلى باقي الطوابق، ومنها إلى المبنى الملحق المكوّن من 6 طوابق.
ويرجح أن يكون ماس كهربائي السبب وراء الحريق، في ظل استهلاك المبنى لكميات ضخمة من الطاقة الكهربائية لتشغيل أنظمة التبريد الخاصة بالخوادم الحساسة، ما يزيد من احتمالات الاشتعال خاصة في شهور الصيف.
خسائر بشرية ومادية
أدى الحريق إلى وفاة 4 موظفين اختناقًا بالنيران والدخان الكثيف، كما أُصيب أكثر من 70 آخرين بحالات اختناق متنوعة، في واحدة من أكبر الحوادث التي تشهدها البنية التحتية الرقمية في مصر خلال السنوات الأخيرة.
تحقيقات موسعة
انتقلت النيابة العامة إلى موقع الحادث فورًا، وأمرت بانتداب المعمل الجنائي لتحديد الأسباب الفنية وراء الحريق، كما صرّحت بدفن جثامين الضحايا الأربعة بعد تحديد هويتهم.
وأعلنت الشركة المصرية للاتصالات عن سقوط ضحايا بين موظفيها، مؤكدة تقديم الدعم الكامل لأسرهم، واستمرار عمليات إصلاح البنية التحتية بأقصى سرعة ممكنة.
تعطل واسع في الاتصالات وخدمة الطوارئ
تسببت النيران في إتلاف كابلات الفايبر الرئيسية التي تربط سنترال رمسيس بالشبكات القومية والدولية، مما أدى إلى تعطل خدمات الهاتف الأرضي والمحمول، والانقطاع الكامل لخدمة الإنترنت في بعض المناطق، بالإضافة إلى توقف مؤقت لخدمة الطوارئ 122.
تأثرت خدمات الاتصال على نطاق واسع، إذ شهد مستخدمو شبكات المحمول الأربعة (WE، فودافون، أورنج، e&) صعوبة في إتمام المكالمات بين الشبكات المختلفة، بينما بقيت المكالمات داخل الشبكة الواحدة مستقرة نسبيًّا.
كما تأثرت خدمات الإنترنت الأرضي في معظم أنحاء القاهرة الكبرى، وسط جهود من الشركة المصرية للاتصالات لتحويل الخدمة إلى سنترالات بديلة.
وفق منظمة نت بلوكس، انخفض مستوى الاتصال بالإنترنت في مصر لى 62% من معدله الطبيعي خلال ساعات الحريق، ما يعكس حجم التأثير على البنية التحتية للاتصالات.
لكن وزير الاتصالات عمرو طلعت، أكد أن مصر لا تعتمد على سنترال رمسيس فقط، مشيرًا إلى أن الخدمات ستعود تدريجيًّا خلال 24 ساعة، وأنه سيتم تعويض المستخدمين المتضررين.
تعليق تداولات البورصة
أعلنت البورصة المصرية، الثلاثاء، تعليق جلسة التداول بشكل استثنائي، بعد تعذر الوصول إلى الموقع الإلكتروني للبورصة وعدم عرض شاشات التداول للأسعار بصورة فورية.
اضطراب في الخدمات البنكية
وبشكل استثنائي، قرر البنك المركزي المصري زيادة الحد الأقصى اليومي لعمليات السحب النقدي بالعملة المحلية من البنوك إلى 500 ألف جنيه للأفراد والشركات بدلاً من 250 ألف جنيه، وذلك بشكل مؤقت لحين عودة الاتصالات إلى طبيعتها بشكل كامل.
كما جرى مد ساعات العمل ببعض فروع البنوك لخدمة الجمهور حتى الساعة الخامسة مساءً بدلًا من الثالثة عصرًا.
واعتذر بنكا الأهلي المصري ومصر عن تأثر بعض الخدمات بعد الحريق، مع استمرار هذه التأثيرات لليوم الثاني، ووجود مشكلات في السحب من ماكينات الـATM.
تعطل الدفع الإلكتروني
تداعيات الحريق ضربت أيضًا الخدمات البنكية الرقمية؛ إذ تعطلت ماكينات الصراف الآلي (ATM) ونقاط البيع الإلكترونية (POS) التابعة لعدة بنوك مصرية.
وتعطلت خدمات الإنترنت البنكي والموبايل المصرفي في عدد من المناطق، كما تأثرت خدمات تطبيق إنستاباي للمدفوعات اللحظية لدى بعض المستخدمين.
ارتباك محدود في الإعلام والطيران
رغم انقطاع بعض خطوط الاتصال، أكدت مدينة الإنتاج الإعلامي أن البث المباشر للقنوات الفضائية لم يتأثر بالحريق، لكن إعداد برامج الهواء واجه صعوبات بسبب ضعف التواصل الهاتفي والإنترنت.
وفي قطاع الطيران، أعلنت وزارة الطيران المدني استعادة التشغيل الكامل لجميع مباني مطار القاهرة، بعد تنفيذ حلول بديلة بالتنسيق مع وزارة الاتصالات، مؤكدة أن جميع الرحلات أقلعت بشكل طبيعي.
الاستثمارات في قطاع الاتصالات
ونفذت مصر استثمارات عامة بقيمة 152 مليار جنيه في قطاع الاتصالات خلال السنوات العشر الماضية، في إطار خطة الدولة لتعزيز البنية التحتية الرقمية وتحقيق التحول الرقمي الشامل، وفق بيانات صادرة عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية.
وأظهرت البيانات أن الاستثمارات شهدت تصاعدًا ملحوظًا على مدار العقد الأخير، حيث بدأت من 0.9 مليار جنيه فقط في عامي 2014-2015 و2015-2016، قبل أن تبدأ في الارتفاع تدريجيًا، لتصل إلى ذروتها في العام المالي 2023-2024 بإجمالي قدره 32.2 مليار جنيه.
وجاء تطور الاستثمارات كالتالي:
- 2016-2017: 4.8 مليار جنيه
- 2017-2018: 7.7 مليار جنيه
- 2018-2019: 13.3 مليار جنيه
- 2019-2020: 13.5 مليار جنيه
- 2020-2021: 23.3 مليار جنيه
- 2021-2022: 26.9 مليار جنيه
- 2022-2023: 28.2 مليار جنيه
- 2023-2024: 32.2 مليار جنيه
ويأتي هذا النمو في سياق جهود الدولة لتعزيز التحول الرقمي، وتحسين جودة خدمات الإنترنت، وتوسيع بنية الاتصالات لتشمل المناطق الريفية والنائية، إلى جانب دعم مشروعات الحكومة الإلكترونية.
أزمة تقنية معقدة
يُعد سنترال رمسيس واحدًا من أهم المراكز الرقمية التابعة للشركة المصرية للاتصالات، حيث يضم مركز بيانات ضخم وعددًا كبيرًا من الخوادم والأجهزة الإلكترونية الحساسة.
ويعتمد تشغيل هذا المركز على أنظمة تبريد صناعي عالية الكفاءة، الأمر الذي يتطلب استهلاكًا ضخمًا للطاقة، وهو ما قد يكون عاملًا حاسمًا في نشوب الحريق بفعل ماس كهربائي داخل أنظمة التكييف أو التوصيلات الكهربائية القديمة.
معلم تاريخي
وافتتح الملك فؤاد الأول مبنى سنترال رمسيس في 27 مايو 1927 تحت اسم دار التليفونات الجديدة، وكان يُعد حينها المركز الرئيسي الذي أدارت منه السلطات الاتصالات في أنحاء الجمهورية.