30 يونيو أسقط مخطط الإخوان.. تفاصيل خيانة أسرار الدولة

في واحدة من أخطر قضايا الأمن القومي التي عرفتها مصر خلال العقد الأخير، أسدلت محكمة الجنايات الستار على قضية "التخابر مع قطر"، التي تورط فيها المعزول محمد مرسي وعدد من قيادات جماعة الإخوان، لتؤكد بالأحكام والقرائن أن من تسلَّم أمانة الوطن خانه عن وعي، وسلَّم أسراره لأعدائه.
خيانة لا لبس فيها
لم تكن القضية مجرد اتهام سياسي أو خلاف على السلطة، بل كانت، وفق ما أكدته المحكمة في حيثياتها، "جريمة خيانة مكتملة الأركان"، جرى خلالها اختلاس وثائق سيادية على أعلى مستوى، بعضها شديد السرية، صادر عن المخابرات العامة والحربية، والحرس الجمهوري، وهيئة الأمن القومي، وقطاع الأمن الوطني، وتتعلق بأماكن تمركز القوات، وخطط الدولة الدفاعية، وتوجهاتها الداخلية والخارجية.
الوثائق لم تُسرق تحت تهديد أو ضغط خارجي، بل خرجت من داخل مؤسسة الرئاسة، وبعلم مباشر من المتهم الأول محمد مرسي، وسُلِّمت إلى المتهم الثالث أمين الصيرفي، الذي نقلها إلى أطراف إعلامية تعمل لصالح دولة قطر، في خرق مباشر لكل المعايير الوطنية والدستورية.
القضاء يحسم: النية كانت الإضرار بمصر
أكدت المحكمة أن الجريمة لم تقع بشكل عارض أو عن إهمال، بل بنيّة واضحة ومقصودة للإضرار بمركز مصر العسكري والسياسي والدبلوماسي.
وعلى الرغم من محاولات الدفاع التشكيك في النوايا أو التقليل من أثر التسريب، فإن الأدلة التي قدمتها جهات التحقيق، إلى جانب شهادة قيادات أمنية بارزة، أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك أن هناك مخططًا متكاملًا كان يستهدف النيل من أمن البلاد.
وأشارت المحكمة في حكمها إلى أن الإجراءات الأمنية بمقر الرئاسة لا تسمح بخروج أي مستندات دون علم مباشر من الرئيس، ما يجعل مجرد وجود الوثائق خارج الحرس الجمهوري قرينة دامغة على تورط المتهم الأول.
دور الإعلام المعادي
القضية لم تكن فقط تخابرًا بين أشخاص، بل كشفت عن تنسيق ممنهج بين قيادات إخوانية وقنوات معادية للدولة المصرية، لتسريب الوثائق وتسويقها ضد مصر، في لحظة كانت البلاد فيها تواجه تحديات أمنية وسياسية جسيمة.
وقد أكدت التحقيقات أن المتهمين حصلوا على مقابل مادي لقاء تسليم المعلومات، في جريمة لا تتوقف عند حدود التجسس، بل تتعداها إلى خيانة مباشرة للأرض ولدماء الشهداء.
فتوى واضحة من دار الإفتاء
دار الإفتاء المصرية، التي أُحيل إليها ملف المتهمين، قالت كلمتها بوضوح: الجريمة التي ارتكبها هؤلاء أشد من جرائم الحدود والقصاص، وتندرج تحت بند "الفساد في الأرض"، ما يوجب القتل تعزيرًا.
وأضافت في رأيها الشرعي أن الخطر الذي ترتب على أفعالهم يتجاوز الأفراد، ليهدد الدولة بأكملها، ومن ثم فإن إنزال أقصى العقوبة بحقهم ضرورة شرعية لحماية الوطن.
30 يونيو… بداية النهاية
في التوقيت ذاته الذي كانت فيه الوثائق تُسرّب، كانت مصر على وشك السقوط في فخ "دولة داخل الدولة"، ولولا انتفاضة الشعب في 30 يونيو، واستجابة القوات المسلحة لندائه، لكانت تلك الوثائق مجرد بداية لحرب معلنة على البلاد من الداخل.
وجاءت هذه الأحكام، بعد سنوات من التحقيقات والمرافعات، لتؤكد أن الدولة لا تنسى من خانها، وأن العدالة في مصر تعرف طريقها، وتقول كلمتها بلا تردد.