رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

قمة «بلتون – فوربس».. أفكار مفلسة واستثمار على الورق

قمة فوربس وبلتون
قمة فوربس وبلتون


في توقيت بالغ الحساسية، وبينما تتطلب الساحة الاقتصادية المصرية تحركًا عمليًا مدروسًا، خرجت علينا بلتون القابضة بالشراكة مع فوربس الشرق الأوسط لإطلاق ما أسموه "قمة كبار المستشارين والمستثمرين".

بريق إعلامي في زمن الأزمات الاقتصادية

الإعلان جاء مصحوبًا بحملة إعلامية واسعة وصور رسمية تجمع داليا خورشيد، الرئيس التنفيذي لبلتون، وخلود العميان، رئيس تحرير فوربس، في مشهد يوحي بتحول استثماري ضخم.

لكن المراقب بدقة يرى أن الحدث، وإن بدا مبهرًا في شكله، إلا أنه يفتقد الجوهر، بل ويثير تساؤلات حقيقية عن أهدافه ومخرجاته المتوقعة.

"قمة الكبار".. عنوان ضخم لمحتوى باهت

الاسم المختار للقمة يحمل في طياته وعودًا كبيرة: "كبار المستشارين والمستثمرين"، ولكن واقع الإعلان لا يتضمن ما يثبت مشاركة شخصيات اقتصادية ذات ثقل، أو مؤسسات استثمارية دولية. لا قوائم رسمية للحضور، ولا جدول أعمال واضح؛ مجرد عبارات مطاطة تشبه تلك التي نقرأها في الإعلانات التجارية: "نخبة من الشركات"، "فرص واعدة"، دون أي تعريف بهذه "النخبة"، أو ماهية هذه "الفرص".

فوربس وبلتون
فوربس وبلتون

شعارات براقة تخفي فراغًا في الأجندة

عبارات مثل "استكشاف الفرص"، و"رسم خريطة الاستثمار"، و"تمكين الكفاءات"، تتكرر في كل بيانات القمة، لكن دون أي مؤشرات أو دراسات أو برامج زمنية.

ما نراه هو تكرار لأسلوب الضخ الإعلامي الخالي من المضمون، والذي كثيرًا ما يُستخدم لصناعة صورة عامة دون مردود حقيقي.

فوربس الشرق الأوسط.. ضوضاء بلا تأثير اقتصادي

رغم ما تتمتع به فوربس من اسم عالمي في مجال الإعلام الاقتصادي، فإن نسختها في الشرق الأوسط لا تلعب الدور نفسه في تحفيز الاستثمارات أو التأثير في قرارات رأس المال، بل تُتهم في أوساط عديدة بأنها تخضع لمصالح متشابكة، وتسعى للظهور أكثر من التأثير.

والحقيقة أن دورها في هذه القمة يبدو أقرب إلى الشريك الإعلاني منه إلى الطرف الاقتصادي الجاد، ما يطرح علامات استفهام حول أسباب دخولها في هذا المشهد.

بلتون.. محاولة تلميع أم منصة استثمارية؟

تمر شركة بلتون القابضة بفترة حساسة، تحاول فيها إعادة ترتيب أوراقها داخليًا وخارجيًا، وهناك من يرى أن الهدف الأساسي من القمة هو تحسين الصورة الذهنية للشركة أمام الرأي العام والمستثمرين، لا أكثر، وبالتالي، تتحول الفعالية إلى أداة دعاية داخلية بدلًا من أن تكون منصة استثمارية جادة.

مؤتمرات الاستعراض لا تصنع نموًا حقيقيًا

في الأعوام الأخيرة، ثبت بالتجربة أن الاستثمار الحقيقي لا يحتاج إلى مؤتمرات براقة بقدر ما يحتاج إلى بيئة تشريعية مستقرة، وخطط تنفيذية واضحة، وأرضية مشجعة للإنتاج.

الكثير من الاستثمارات التي شهدتها مصر في الفترة الماضية تمت بعيدًا عن المؤتمرات، بل عبر تفاهمات مباشرة، وتعاقدات مدروسة، وتفاوض جاد.

قمة كبار المستشارين والمستثمرين
قمة كبار المستشارين والمستثمرين

هل أصبح الاستثمار مجرد صورة وعنوان؟

تنظيم مؤتمر ضخم في فندق فخم، مع عدد من الكاميرات والصور المتبادلة، لا يخلق مناخًا استثماريًا، إنما هو محاولة لصناعة حدث إعلامي يغذي منصات التواصل والبيانات الصحفية، دون أي أثر ملموس على الأرض.

وما يزيد الشكوك، هو غياب أي مؤشر على توقيع اتفاقيات، أو حتى إعلان نوايا واضحة من أي شركة أو صندوق أو جهة مالية مشاركة.

مصر تحتاج إلى فعل لا إلى فلاشات

في ظل أزمة اقتصادية تتطلب العمل الجاد، ومشروعات قومية تحتاج إلى تمويل حقيقي، فإن مصر لا تحتاج إلى قمة جديدة بقدر ما تحتاج إلى نتائج. فلدينا ما يكفي من الخطط والمبادرات، لكن ما ينقص هو التطبيق على الأرض.

فهل نواصل الإنفاق على مؤتمرات دعائية؟ أم نوجّه الجهد إلى تحفيز استثمارات حقيقية تخلق فرص عمل وتُنعش السوق المحلي؟

القمة التي أُطلق عليها زورًا "قمة الكبار" لا تبدو حتى الآن سوى محاولة دعائية لترويج بعض الأسماء والمؤسسات، في وقت لم تعد فيه الأنظار تبحث عن الكلام، بل عن الفعل.

وبينما تتحرك الدولة في ملفات حساسة كالصناعة والطاقة والتكنولوجيا، تبقى مثل هذه الفعاليات أشبه بـ"عروض جانبية" قد تبهج البعض، لكنها لا تُقنع من ينتظر تحولًا اقتصاديًا حقيقيًا.

تم نسخ الرابط