الاقتصاد المصري ينطلق.. احتياطيات قياسية وصعود للجنيه أمام الدولار

في خطوة تعكس مؤشرات قوية على تعافي الاقتصاد المصري وتقدّم العملة المحلية أمام الدولار، كشف البنك المركزي المصري عن ارتفاع تاريخي في صافي الاحتياطيات الدولية وتحسن لافت في تحويلات العاملين بالخارج، إلى جانب قفزة في الصادرات واستثمارات أجنبية مباشرة غير مسبوقة.
هذا التقدم المدروس يؤكد أن الجنيه المصري يشق طريقه بثقة وسط عالم مضطرب اقتصاديًا، ويستعيد مكانته بدعم من إصلاحات استراتيجية وبيئة استثمارية أكثر جاذبية.
احتياطي النقد الأجنبي يسجّل ارتفاعًا جديدًا
أعلن البنك المركزي المصري ارتفاع صافي الاحتياطيات الدولية إلى 48.526 مليار دولار بنهاية مايو 2025، مقابل 48.144 مليار دولار في أبريل، بزيادة 382 مليون دولار.
ويتكوّن هذا الاحتياطي من سلة عملات عالمية أبرزها الدولار واليورو والجنيه الإسترليني واليوان، ويتم إدارة مكوناته بخطة مرنة تعكس التقلبات العالمية لضمان استقرار مالي طويل الأمد.
وهذا التعافي في الاحتياطي يعكس في عمقه انتعاشًا أوسع في مصادر العملة الصعبة، وهو ما تؤكده المؤشرات الأخرى.
تحويلات العاملين بالخارج تقفز بنسبة 82.7%
في مؤشر على ثقة المصريين في الخارج بالاقتصاد الوطني، قفزت التحويلات إلى 26.4 مليار دولار في الفترة من يوليو 2024 إلى مارس 2025، مقارنة بـ14.4 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق.
وقد سجل الربع الثالث وحده 9.4 مليار دولار، فيما بلغ حجم التحويلات في مارس فقط 3.4 مليار دولار، بنسبة نمو سنوي بلغت 63.7%.
ويأتي هذا الارتفاع اللافت في التحويلات ضمن حلقة متكاملة من مؤشرات التحسن، يتعزز معها رصيد مصر من العملة الأجنبية، ويقل معها الضغط على سعر الصرف.
الصادرات ترتفع والعجز التجاري يتراجع
كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع الصادرات بنسبة 20.7% في مارس 2025، لتصل إلى 4.62 مليار دولار، مقارنة بـ3.82 مليار دولار في نفس الشهر من العام السابق.
وقد أدى ذلك إلى انخفاض العجز التجاري بنسبة 38.6% ليسجل 2.5 مليار دولار فقط.
وشملت أبرز السلع التي سجلت نموًا في التصدير: المنتجات البترولية، الملابس الجاهزة، والبقول الجافة. بينما تراجعت صادرات بعض السلع مثل الفواكه الطازجة والأسمدة والبطاطس.
ويُعزَى هذا التحسن إلى جانب من النمو في الإنتاج المحلي، وهو ما يترافق مع توجه واضح نحو تقليل الواردات وتعزيز الاكتفاء الذاتي.
الواردات تنخفض بنسبة 10% مع تقليل الاعتماد الخارجي
شهدت واردات مصر تراجعًا ملحوظًا خلال مارس 2025، لتبلغ 7.12 مليار دولار، مقابل 7.91 مليار دولار في نفس الشهر من العام السابق.
وجاء التراجع نتيجة انخفاض واردات سلع رئيسية مثل القمح، الحديد، الأدوية، ومنتجات البترول. بينما ارتفعت واردات أخرى مثل الغاز الطبيعي، البترول الخام، والخشب.
ويمثل هذا الانخفاض في الواردات مؤشرًا مهمًا على التوازن التجاري، ويدعم الجنيه في مواجهة الضغوط الخارجية، مما يُهيئ بيئة أكثر استقرارًا للاستثمار.
استثمارات أجنبية قياسية وتفاؤل بعام 2025
أعلن رئيس الهيئة العامة للاستثمار أن مصر جذبت 46.6 مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة خلال عام 2024، في طفرة تاريخية.
واستمر الزخم في 2025، حيث سجل الربع الأول 2.7 مليار دولار بنمو 15%. وتستهدف الحكومة جذب من 12 إلى 15 مليار دولار هذا العام، من خلال تسهيل إجراءات الترخيص والتحول الرقمي وتحسين مناخ الاستثمار.
وتكتمل هذه الأرقام الاستثمارية مع الأداء القوي للجنيه والاحتياطات، لتُظهر أن الاقتصاد المصري يسير نحو مرحلة أكثر استقرارًا وثقة.