من يستهدف قيم المجتمع المصري؟ حكايات من دفتر السقوط في بحر الخطيئة

في قلب شوارع مصر النابضة بالحياة، وبين أزقتها الضيقة وبيوتها المتواضعة، تنمو حكايات جرائم مروعة لا تروي، نفذتها وجوه نعرفها نمر بها كل يوم، لكنها تخفي خلف ملامحها سقطات في بحر الخطيئة، ليتحول معها حال بعض أبناء النيل، الذين نشأوا على وصفهم بالشهامة والطيبة إلى مرتكبي جرائم تخطت كل العادات والشرع والقانون.
وترصد "تفصيلة"، بعض هذه الجرائم لا للتشهير، بل لتوقظ الضمير، فكل سقوط أخلاقي ليس نهاية، بل صرخة تحذير، لعلّ آخر ينتبه أو نصلح ونعيد للمجتمع اتزانه وقيمه التي قد تتبدل في لحظات الغفلة.
قصة طفل دمنهور
مدينة دمنهور التابعة لمحافظة البحيرة، كانت على موعد مع جريمة بشعة، وقع الطفل ياسين صاحب الـ7 سنوات، والتلميذ في المرحلة الابتدائية داخل أحد المدراس الخاصة، تحت براثن عجوز لا تعرف الرحمة طريقا لقلبه، ليقوم بهتك عرض الصغير داخل حمام المدرسة ليحكم عليه بالسجن المؤبد.

وفقاً لتحقيقات النيابة وحيثيات المحكمة في القضية رقم 33773 لسنة 2024، والتي اتُهم فيها المدعو "ص.ك" بهتك عرض الطفل داخل نطاق مركز دمنهور، فأن "المتهم طمحت به شهواته وغلبته، متناسيًا مسؤوليته كأحد العاملين والأمناء على المدرسة التي يعمل بها وعلى أطفالها، فصفته هذه كانت تفرض عليه واجبات محددة تجاه هؤلاء الأطفال وحماية أعراضهم من أي اعتداء، إلا أنه أهمل هذه الواجبات وخان الثقة التي وضعت فيه".
وأضافت الحيثيات أن "المتهم استغل وجوده المتكرر بين الفصول واختلاطه بالأطفال، وكذلك ما نشأ بينهم من مودة وألفة بحكم عمله الفعلي في المدرسة، الأمر الذي جعل الأطفال لا يشعرون تجاهه بالخوف أو الحذر، وقد منحه هذا الوضع سلطة على المكان وعلى الأطفال بالمعنى المقصود في الفقرة الثانية من المادة 267 من قانون العقوبات، حيث انتهز فرصة وجود الطفل المجني عليه، وهو في مرحلة رياض الأطفال (KG1) بالمدرسة".
وذكرت المحكمة أن "المتهم قام بالانفراد بالطفل المجني عليه خلال الفصل الدراسي الأول من العام الدراسي المنتهي في 2023، وذلك داخل إحدى دورات مياه المدرسة بعيدًا عن أعين الآخرين، وهناك، عمدًا وبالقوة، قام بهتك عرضه، حيث أمسك به وشل حركته وكمم فمه، ثم حسر عنه سرواله كاشفًا عن عوراته، وأخرج عضوه الذكري واعتدى عليه جنسيًا وصولًا إلى إشباع رغباته الدنيئة".
وأوضحت الحيثيات أن المتهم كرر فعلته أكثر من مرة، مستغلًا صغر سن الطفل، وارتكب جريمته هذه باغتيال طفولته وانتهاك عرضه عمدًا، في تعدٍ فجٍّ على الشرائع السماوية والقوانين، وهو ما أثبتته أوراق القضية وتقرير الطب الشرعي.
وأكدت المحكمة أن "ما ارتكبه المتهم تتوافر فيه أركان جريمة هتك العرض بالقوة المنصوص عليها في المادة 268 من قانون العقوبات، والتي تنص على أن (كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع في ذلك يُعاقب بالسجن المشدد)".
وأشارت الحيثيات إلى أن "المجني عليه لم يبلغ الثامنة عشرة سنة، والمتهم ممن ورد ذكرهم في الفقرة الثانية من المادة 267، مما يجعل العقوبة هي السجن المؤبد، إذا اجتمع الظرفان كما في هذه القضية".
وذكرت المحكمة أنها عدّلت تاريخ الواقعة ومواد الاتهام لتصبح جناية، وفقًا لنصوص قانون العقوبات والقانون رقم 12 لسنة 1996 المعدل، استنادًا إلى كون المجني عليه طفلًا.
وفي ختام حيثياتها، أكدت المحكمة أنها "اطمأنت إلى أدلة الثبوت التي قدمتها النيابة العامة، بما فيها تعرف الطفل على المتهم، وشهادات شهود الإثبات، وتقرير الطب الشرعي، ورفضت إنكار المتهم معتبرة إياه محاولة يائسة للتنصل من الجريمة، لا تُقنع المحكمة ولا تدرأ عنه العقاب المستحق".
طفلة العاشر من رمضان
بدأت هذه القصة في أحد أسواق العاشر من رمضان التابعة لمحافظة الشرقية ، وسط زحام المشترين والبائعين، حيث كانت الطفلة ذات الثمانية أعوام تساعد والدتها كما تفعل كل يوم، تضع الأكياس بجوار العربة الصغيرة وتقدم للزبائن ما يطلبونه.
فجأة، شعرت بالحاجة إلى دخول الحمام، فنظرت إلى والدتها المستغرقة في عملها واستأذنتها سريعًا.
لم تتردد الأم في السماح لها، فالحمام قريب والسوق مزدحم، ولم يخطر ببالها أن الخطر قد يكون أقرب مما تتخيل.
دخلت الطفلة دورة المياه، ووسط هذا المكان الخالي إلا منها، كان هناك من يراقب خطواتها منذ البداية.
حادث طفلة العاشر من رمضان
رجل ثلاثيني، ملامحه متجهمة، اقترب بهدوء، ثم أغلق الباب وراءه، وفي لحظة واحدة، تحولت الدورة الهادئة إلى ساحة رعب، وامتلأ المكان بصرخات مذعورة لطفلة لم تستوعب ما يحدث.
لم تكن الصرخة عادية، بل كانت كافية ليهرع المارة نحو الحمام، أحدهم دفع الباب بقوة، وآخر اقتحم المكان ليجد الطفلة ترتجف في الزاوية، بينما أمامها الرجل، وجهه شاحب ويداه متجمدتان في موضعهما.
لم يتردد أحد في السيطرة عليه، حيث دفع إلى الأرض، وأحكم الأهالي قبضتهم عليه حتى لا يهرب.

وسط ذلك المشهد، وصلت والدة الطفلة، ولهفتها تسبق خطواتها، وعندما رأت ابنتها في هذا الموقف، انهارت واحتضنتها بقوة، كما لو كانت تحاول أن تمسح عنها هذا الرعب، ثم التفتت إلى الرجل ونظرت إليه بعيون مشتعلة بالغضب، واندفعت نحوه تضربه وهي تصرخ: "بنتي يا مجرم.. بنتي يا عديم الرحمة".
كان المشهد أشبه بمحاكمة شعبية في الشارع، حيث أراد بعض الأهالي الفتك به فورًا، بينما حاول آخرون تهدئة الموقف حتى لا يتحول الغضب إلى كارثة أخرى.
وبعد دقائق من الهرج والمرج، وصلت سيارة الشرطة وتم تسليم المتهم وسط مطالبات الأهالي بأقصى عقوبة ممكنة.
اعترافات المتهم في واقعة طفلة العاشر من رمضان
داخل قسم الشرطة، جلس المتهم على كرسي خشبي، يداه مكبلتان بالأصفاد، ووجهه شاحب كمن يدرك أن حياته على وشك أن تتغير للأبد.
خلال التحقيقات، لم يكن لديه مجال للإنكار، فقد تم ضبطه متلبسًا. بصوت خافت، وكأنه يحاول تبرير فعلته، قال: "ملحقتش أجري.. صرختها فضحتني، وكلهم أتلموا عليا".
أما الطفلة، فقد نُقلت إلى المستشفى لتلقي الرعاية الطبية والنفسية، بينما بدأت النيابة تحقيقاتها، وأمرت بحبس المتهم أربعة أيام على ذمة التحقيقات.
وعقب إحالة المتهم إلي المحاكمة، قضت محكمة جنايات الزقازيق، بمعاقبة المتهم بالسجن 15 عامًا.
تفاصيل ليلة الرعب.. اختطاف واعتداء على فتاة داخل سيارة في رمضان
وفي جريمة مروعة هزت كفر الدوار بالبحيرة، تعرضت فتاة تدعي نهى، وهي شابة في العشرينيات من عمرها، مطلع شهر رمضان الماضي، لجريمة مروعة بدأت باقتحام منزل أقاربها وانتهت بجريمة اختطاف واعتداء جنسي ..
في سردها للواقعة أمام النيابة العامة، تحدثت المجني عليها عن خوفها، ومحاولاتها المقاومة، والتهديدات التي تعرضت لها من قبل المتهم وشركائه، الذين وثقوا الجريمة بهواتفهم.
وإليكم نص أقوالها:
قالت الضحية في شهادتها أمام النيابة: "اللي حصل إن أنا يوم الجمعة الساعة 4 الفجر، كنت قاعدة عند نسايب أختي وبايته هناك، وفجأة لقينا الباب بيخبط، فصابرين، اللي كنت قاعدة عندها، فتحت، ولما فتحت، لقيت بنت خالتي (فاطمة صلاح) ومعاها (كمال)، دخلوا علينا الشقة، ولقيت بنت خالتي بتقول: مفيش حاجة، هو عايز يتكلم مع (نهى) بس شوية. فبصيت له لقيته بيقولي: يلا يا نهى، إلبسي.
فدخلت الأوضة وفضلت واقفة بترعش وخايفة، ومش عارفة أعمل إيه، لقيته جه وقف عند باب الأوضة وقال: يلا يا نهى، انجزي، رحت قافلة الباب وفضلت أعيط وخايفة منه، بعدها لقيت بنت خالتي دخلتلي وقالتلي: إلبسي ومتخافيش، إحنا كده كده معاكي".
وأضافت: "فلبست العباية فوق هدومي زي ما أنا، ولبست الطرحة، وأول ما بنت خالتي فتحت الباب، هو شدني جامد من إيدي؛ أنا مكنتش عايزة أنزل معاه، بس كنت خايفة يعمل فيا حاجة، فشدني بالعافية برا الشقة، وقفل الباب ونزل بيا على الشارع تحت، وركبني عربية لونها أسود، وخلاني أقعد في الكنبة اللي ورا، وكان فيها واحد اسمه (محمود المحارب) من عندنا في الشارع، وبعدها بنت خالتي نزلت وقالت له: أنت قلتلي هتقولها كلمتين ومش هتعمل معاها حاجة، راح هو قفل الإزاز وتحرك بالعربية، وطلع على الشارع، قابل واحد اسمه (حسام)، ركب معانا، وقعد جنبي، وبقيت أنا قاعدة في النص ما بينهم".
وتابعت في أقوالها خلال التحقيقات: "مشينا شوية على طريق المحمودية اتجاه الإسكندرية، لحد ما وصلنا لمكان ضلمة ومفيهوش حد، والطريق كان مسدود، فوقف بالعربية، ولف وش العربية، وقعد يشتم فيا، وطلع مطواة، وفتحها، وقال لي: يلا اقلعي هدومك، أنا فضلت أعيط ومش عايزة أقلع هدومي، لحد ما شتم (حسام) وقال له: قلعلها هدومها كلها (يا ابن...) حتى الكوتشي قالعلها، وقرب المطواة مني، وفعلا (حسام) قلعني هدومي كلها، وأنا خايفة وعيانة، وكل ما أحاول أقاوم، كان يهددني بالمطواة".
واستطردت قائلة: "بعدها، أجبرني على الصعود للمقعد الأمامي، وهناك قام بالاعتداء علي تحت تهديد السلاح، كنت بحاول أرفع نفسي عنه، لكنه كان يهددني بالمطواة، ويمسكني بالعافية، وكان (حسام) بيمسك الموبايل ويصورني، و(محمود) قاعد جنبه ورا".
وأضافت: "بعد فترة، قال لي: يلا إلبسي هدومك، وأنا كنت عمالة أعيط وأترعش، ولبست بسرعة؛ اتحرك بالعربية وكلم بنت خالتي في التليفون، وقال لها: أنا جايبها وراجع أهو، وقفل المكالمة، وبص لي وقال: اللي حصل ده ميتحكاش لحد، وإلا ممكن أجيبك تاني، ورجعني تاني عند بيت نسايب أختي".
واختتمت أقوالها: "لما وصلت، لقيت أختي وبنت خالتي لسه واصلين عند البيت، وأخدوني طلعنا فوق؛ قبل ما يمشي، قال لبنت خالتي: أهو، إديني جبتها، ومعملتش فيها حاجة، بعدها حكيت لأختي وبنت خالتي وصابرين اللي حصل معايا، لكن بنت خالتي (فاطمة) قالت لي: حقك عند ربنا، نزلت وسابتنا، وأنا فضلت أعيط، ونمت، وفي نفس اليوم بعد صلاة التراويح، طلعت على القسم وبلغت، والنهارده جيت على النيابة وهو ده كل اللي حصل".