بين بريق الإعلانات وظلام الشبكة.. هل باعت شركة أورنج ثقة عملائها مقابل حملات دعائية وهمية؟
بينما تضخ شركة أورنج استثمارات طائلة ومبالغ فلكية في الحملات الإعلانية البراقة والتعاقد مع كبار النجوم لتصدير صورة ذهنية وردية عن خدماتها، يجد العميل نفسه حبيس واقع مرير يتسم بتآكل جودة الشبكة وانهيار التغطية في الكثير من المناطق الحيوية، مما يكشف عن هوة سحيقة وفجوة غير مبررة بين الوعود الإعلانية البراقة والواقع التقني المتواضع الذي يعانيه المشترك يومياً من انقطاع مفاجئ للمكالمات وتبخر سريع لسعات الإنترنت دون مبرر منطقي.
شكاوي من خدمات شركة أورنج
وهذا التناقض الصارخ يثير حفيظة المستخدمين الذين يرون في تلك الملايين المنفقة على الدعاية من الأولى توجيهها لتحديث البنية التحتية المتهالكة وتقوية الأبراج التي باتت عاجزة عن استيعاب الضغط المتزايد، لضمان استقرار الخدمة الذي يمثل الحق الأصيل للمستهلك مقابل ما يدفعه من أموال.
واستمرار شركة أورنج في نهج "الدعاية أولاً" على حساب التطوير الجذري للمنظومة التقنية قد وضع مصداقيتها على المحك في عام 2025، حيث لم تعد الشعارات الرنانة والحلول التسويقية المبتكرة قادرة على حجب شمس الشكاوى المتصاعدة من سوء الدعم الفني وتراجع سرعات البيانات بشكل حاد، مما يعكس خللا في ترتيب الأولويات لدى الإدارة التي يبدو أنها فضلت الاستثمار في "الصورة" بدلاً من "الأصل".
وشهدت أروقة قطاع الاتصالات في مصر خلال عام 2025 موجة عاتية من الانتقادات اللاذعة والاحتجاجات المتصاعدة التي وجهها آلاف المشتركين صوب شركة "أورنج"، حيث تحولت منصات التواصل الاجتماعي وساحات الفضاء الرقمي إلى منابر مفتوحة لبث الشكاوى المريرة حول التراجع الحاد في كفاءة الخدمات المقدمة.
عدم تحديث البنية التحتية
وتواجه شركة أورنج اتهامات متكررة بالتقاعس عن تحديث بنيتها التحتية بما يواكب الزيادة المطردة في أعداد المستخدمين، الأمر الذي أدى إلى نشوب أزمة ثقة عميقة بين الشركة وقاعدتها الجماهيرية التي باتت تشعر بأن جودة الخدمة لا تتناسب مطلقاً مع القيمة السعرية المتزايدة للباقات.
وتصدرت أزمة "الاستهلاك الغامض" لباقات الإنترنت قائمة الاستياء العام، حيث ضجت المجموعات الخدمية بشكاوى موثقة حول نفاد سعات التحميل في أوقات قياسية لا تتفق مع معدلات الاستخدام المنطقية، مما دفع الكثيرين لوصف الأمر بـ "تبخر الباقات" وسط مطالبات بضرورة وجود رقابة صارمة من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لكشف آليات احتساب الميغابايتس التي يراها البعض غير شفافة، في حين لم تكن خدمات المكالمات الصوتية أحسن حالاً، إذ عانى العملاء من ظاهرة "المكالمات الشبحية" التي تنقطع فور بدئها، أو تذبذب الإشارة داخل المباني السكنية مما عزل مناطق كاملة عن التواصل الفعال، وهو ما ألقى بظلال قاتمة على إنتاجية أصحاب الأعمال والعمل الحر الذين يعتمدون كلياً على استقرار الشبكة في إنجاز مهامهم اليومية.
وعلى صعيد الدعم الفني، فقد كان عام 2025 عاما مليئا بالتحديات لخدمة عملاء أورنج، حيث اشتكى المستخدمون من فترات الانتظار الطويلة عبر الخطوط الساخنة التي تنتهي غالباً بوعود واهية أو حلول نمطية لا تلمس جوهر الأعطال التقنية المعقدة.
بينما واجه تطبيق "ماي أورنج" انتقادات حول تعثره المتكرر في تنفيذ عمليات الشحن أو دفع الفواتير، مما وضع المشتركين في مأزق الانقطاع المفاجئ للخدمة رغم محاولاتهم المتكررة للسداد الرقمي، وهو التناقض الذي أثار حفيظة الخبراء الاقتصاديين الذين يرون أن التحول الرقمي الذي تنادي به الشركة يجب أن يرتكز أولاً على أرضية صلبة من الاستقرار التقني وليس فقط على الحملات الإعلانية البراقة التي يراها العميل الآن بعيدة كل البعد عن واقع الخدمة المتردي الذي يلمسه في هاتفه المحمول.
وهذا الطوفان من الشكاوى المتعددة يضع شركة أورنج أمام مفترق طرق تاريخي، فإما البدء الفوري في ضخ استثمارات ضخمة لإعادة هيكلة الشبكة وتحسين تجربة المستخدم بشكل ملموس، أو مواجهة نزيف حاد في أعداد المشتركين لصالح المنافسين الذين استغلوا هذه الثغرات لجذب العملاء الغاضبين.
ويبقى التساؤل القائم في أذهان الجميع: هل تنجح شركة أورنج في احتواء غضب العملاء في 2025 وترجمة وعودها إلى واقع ملموس، أم أننا بصدد نهاية حقبة الهيمنة لشركة كانت يوما ما رمزا للجودة والتميز في سوق المحمول؟ الإجابة تكمن في قدرة الإدارة على الكف عن تقديم الأعذار والبدء في تقديم الحلول التي تليق بتطلعات المواطن المصري في عصر الثورة الرقمية.