عمرو عامر يكتب: العرجاني تاج القبائل
كلُّ شيءٍ له نهاية، وكلُّ حدثٍ يتلاشى، ومهما كان فورانُ العاصفة فستهدأ، لكن تبقى المواقف ثابتةً يخلِّدها التاريخ في نفوسٍ حملت الوطن في قلوبها، ووضعت ترابه فوق رؤوسها تاجًا يزيِّنه الكبرياء.. ما أحلاها مصرُ وطنًا، وما أغلاها أمَّ الدنيا؛ وطنٌ يعيش بين أضلع الرجال، وليس مجرد حدود نعيش فيها.
وإن كان التاريخ لا يصفح عن الخونة الذين اعتبروا الوطن «حفنةً من ترابٍ عفن» كما رددها سيد قطب، إمام الإخوان الأكبر، والذين قالوا «طز في مصر» كما نطقها الخبيث مرشد الشر مهدي عاكف، فتبقى هناك هاماتٌ تحمل شعلة التضحية والإقدام، أنارت دروب الوطن آمالًا وطرقًا جديدةً للمستقبل.
رجالٌ لم يهابوا الخوف، وكانوا في التوقيت المناسب حين استصرختهم مصر، فلبّوا النداء: فداكِ يا أمَّ الدنيا، نموت ولا تُدنَّس، ولا يدنسها عميل، ولا يصلها خائن، ولا تُرفع فيها رايةٌ سوداء لعشيرٍ كافرٍ بالأوطان.
الحاج إبراهيم العرجاني، مهما حاول الذباب الإلكتروني للتنظيم المطرود النيلَ منه وتشويه صورته، يبقى رمزًا من رموز أبناء مصر المخلصين، ورجلًا تطلبه المحن، وبطلًا لا يُشقُّ له غبار، ولمَ لا، وقد أذاق العدوَّ المأجور في سيناء العلقم، ولقَّن مرتزقة بديع درسًا ما زال ينزف في نفوسهم المريضة إلى الآن، وأقسم أن أرض سيناء الطاهرة لن تُدنَّسها أقدام ميليشيات غريبة، ولن يدوس أرضها المباركة مرتزقةٌ لغاتهم كريهة وقلوبهم حاقدة، ظنوا أن مصر مستباحة كغيرها من الأوطان، فدُفنوا فيها ملعونين.
كان العرجاني بطلًا قوميًّا، يساند مع أهالي سيناء الشرفاء والأبطال قواتِه المسلحةَ الباسلة وشرطتَه الوطنية في حربٍ ضروسٍ ضد الإرهاب الإخواني وكل التنظيمات التي ظنَّت بسذاجة السؤال أن سيناء فارغة من الرجال، وأنهم سيرفعون عليها راياتٍ سوداء غريبة. وكان إبراهيم العرجاني، أو كما يلقبه أهل القبائل «الحاج إبراهيم»، من أولي العزم الذين دافعوا عن سيناء في كل نفس، وذادوا عنها مع كل التفاتة، وباعوا أنفسهم لمصر ولم يبيعوها، رغم محاولات خيرت الشاطر إغراءه بكل السبل لاستمالته، لكن هيهات؛ فمعادن الرجال تأبى، والمروءة تأبى، والشهامة تأبى أن يُباع الوطن للغرباء، أو يُترك للعبث به من أجهزةٍ أجنبية، أو يُستباح لقوى التخريب والحرق.
وقف العرجاني مع القوات المسلحة الباسلة صلبًا ضد الكسر، وضد محاولات خطف سيناء، حتى تطهرت وعادت للمصريين بعد هزيمة إرهاب الشر، ليبدأ الرجل بعدها المساهمة في بناء سيناء وتنميتها عبر شركاته، ومن خلال أبناء القبائل، موقنًا أن الإعمار يطرد خفافيش الظلام، وأن التنمية تُجهِض محاولات أهل الخراب، وأن الفراغ أخطر الأخطار التي يمكن أن تهدد سيناء.
واليوم، وقد تحولت سيناء إلى مركزٍ عالميٍّ للتجارة الدولية، وتُضخ فيها المليارات من خلال المنطقة الاقتصادية، وتوسيع مشروعات السياحة في الجنوب والشمال، وتحويلها إلى محاور تجارة عالمية برًّا وبحرًا وجوًّا، لا يجب أن تنسى الأجيال الجديدة تضحيات وقوة وجرأة رجالٍ قضَوا نحبهم مثل المنسي، ورجالٍ صدقوا ما عاهدوا الله عليه، مثل إبراهيم العرجاني، سيد الرجال، وشيخ عرب سيناء، وحامل كبريائها، وتاج القبائل.