غرامات تصل إلى 1000 جنيه في "مترو القاهرة".. هل أصبح الركاب في مرمى العقاب؟
في زحام القاهرة الكبرى، حيث يعتمد ملايين المواطنين يوميًا على مترو الأنفاق كوسيلة نقل رئيسية، تتجدد الأسئلة حول حدود الالتزام والانضباط داخل هذا المرفق الحيوي ومع تزايد الكثافات وتكرار بعض السلوكيات المخالفة، أعلنت هيئة مترو الأنفاق تطبيق لائحة غرامات واضحة ومحددة تستهدف ضبط الأداء داخل المحطات والقطارات، وحماية سلامة الركاب، والحفاظ على المرافق العامة.
وفي محاولة لفهم كيف تسعى الدولة إلى تحقيق التوازن بين الردع والتنظيم، دون الإخلال بحق المواطن في خدمة نقل آمنة ومنتظمة.
المترو مرفق عام لا يقبل الفوضى
مترو الأنفاق ليس مجرد وسيلة نقل، بل شريان يومي للحياة في القاهرة الكبرى، يخدم ملايين الرحلات، ويعتمد عليه الموظفون والطلاب وكبار السن على حد سواء ومع هذا الحجم الهائل من الاستخدام، يصبح أي خلل سلوكي أو مخالفة بسيطة مرشحة للتحول إلى خطر حقيقي أو فوضى جماعية، وهو ما دفع الهيئة إلى وضع لائحة غرامات تصاعدية، تراعي طبيعة المخالفة وتأثيرها على السلامة العامة.
من 50 إلى 1000 جنيه.. غرامات تتدرج حسب المخالفة
حددت هيئة مترو الأنفاق قيمة الغرامات بما يبدأ من 50 جنيهًا ويصل إلى 1000 جنيه، وفقًا لنوع المخالفة وشدتها، ومدى تأثيرها على التشغيل أو سلامة الركاب ويعكس هذا التدرج فلسفة تعتمد على الردع دون تعسف، وتفرق بين الخطأ الناتج عن جهل أو إهمال، والمخالفة التي تمثل تهديدًا مباشرًا للأرواح أو تعطل حركة المترو.
مخالفات التذاكر والاستخدام.. ضبط الدخول والخروج
تُعد مخالفات التذاكر من أكثر التجاوزات شيوعًا داخل المترو، ولهذا خصصت الهيئة لها شريحة غرامات تتراوح بين 50 و100 جنيه، وتشمل:
تجاوز عدد المحطات المحددة بالتذكرة: غرامة 50 جنيهًا، في محاولة لفرض الالتزام بعدد المحطات المدفوع مقابلها.
استخدام نفس التذكرة للذهاب والعودة: 50 جنيهًا، باعتبار التذكرة صالحة لرحلة واحدة فقط.
البقاء داخل المحطة أكثر من ساعتين بعد عبور البوابة: 50 جنيهًا، لمنع إساءة استخدام المحطات كمناطق انتظار مفتوحة.
تجاوز حدود الاشتراك في الكارت الذكي: 50 جنيهًا، لضمان عدالة الاستخدام وعدم التلاعب بالأنظمة الإلكترونية.
أما الغرامات الأعلى نسبيًا، والتي تصل إلى 100 جنيه، فتُفرض في حالات أكثر جسامة، مثل:
استخدام تذكرة مخفضة دون وجه حق، بما يمثل إهدارًا للموارد المخصصة للفئات المستحقة.
عبور بوابات المترو بدون تذكرة، وهو سلوك يخل بأسس النظام المالي للمرفق.
استخدام تذكرة خروج دون تسجيل دخول مسبق، في مخالفة صريحة لإجراءات التشغيل.
السلوك داخل القطارات والمحطات.. النظام أولًا
لم تقتصر لائحة الغرامات على الجوانب الإجرائية، بل امتدت إلى السلوكيات اليومية التي تؤثر على راحة الركاب وسلامتهم، وحددت لها غرامة موحدة قدرها 250 جنيهًا، وتشمل:
التدخين داخل القطارات أو المحطات، لما يمثله من خطر صحي وإزعاج للركاب.
إلقاء المخلفات داخل العربات أو الأرصفة، في مساس مباشر بنظافة المرفق العام.
ركوب الرجال عربات السيدات في غير الأوقات المخصصة، حفاظًا على خصوصية وأمان الراكبات.
عبور شريط السكة أو القيام بإجراءات خطيرة على الخط، وهي من أخطر المخالفات التي قد تؤدي إلى حوادث جسيمة.
مزاولة البيع داخل القطارات أو المحطات دون تصريح، لما تسببه من تعطيل للحركة وتشويه للمشهد العام.
التسول داخل المترو، باعتباره سلوكًا غير منظم يسبب إزعاجًا للركاب ويخالف القوانين.
مخالفات جسيمة.. عندما تصبح الغرامة 1000 جنيه
في الحالات التي تمثل خطرًا مباشرًا على سلامة الركاب أو تؤدي إلى تعطيل التشغيل، شددت الهيئة العقوبة لتصل الغرامة إلى 1000 جنيه وتشمل هذه المخالفات أي تصرفات تهدد الأرواح، أو تعطل حركة القطارات، أو تتسبب في تلفيات جسيمة بالبنية التحتية، في رسالة واضحة بأن أمن الركاب خط أحمر لا يقبل التهاون.
فلسفة الردع والتنظيم
أكدت هيئة مترو الأنفاق أن الهدف من تطبيق هذه الغرامات لا يقتصر على العقاب، بل يتجاوز ذلك إلى نشر ثقافة الالتزام والمسؤولية المشتركة فالمترو ملك عام، والحفاظ عليه مسؤولية جماعية، تبدأ من الالتزام بالتذكرة، ولا تنتهي عند احترام قواعد السلوك داخل القطارات والمحطات.
تجربة تنقل أكثر أمانًا وسلاسة
ترى الهيئة أن الالتزام بالقواعد المنظمة لا ينعكس فقط على الانضباط، بل يسهم في تحسين جودة الخدمة، وتقليل الأعطال، وضمان رحلة أكثر سلاسة وأمانًا للجميع. فكل مخالفة يتم تجنبها تعني وقتًا أقل ضائعًا، وخطرًا أقل، وتجربة أفضل لملايين الركاب.