إسرائيل تشدد شروط المرحلة الثانية في غزة: تسليم جثة الرهينة الأخيرة مقابل التقدم السياسي
تعقيدات جديدة تفرض نفسها على مسار التهدئة الهش في قطاع غزة، مع ربط إسرائيل الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بتسليم جثة الرهينة الأخيرة المحتجزة لدى حركة حماس.
التطور يعكس عمق الخلافات القائمة، ويضع مستقبل الاتفاق أمام اختبار سياسي وأمني شديد الحساسية.
شرط إسرائيلي جديد أمام المرحلة الثانية
موقف إسرائيلي صارم كشفت عنه القناة 12 العبرية، حيث أبلغت تل أبيب الإدارة الأميركية بأن أي تقدم نحو المرحلة الثانية من اتفاق غزة لن يتم دون تسليم الجثة الأخيرة للرهينة المحتجزة لدى حركة حماس.
الرسالة الإسرائيلية حملت بعداً سياسياً وأمنياً واضحاً، في ظل سعي الحكومة إلى استكمال ملف الرهائن قبل الانتقال إلى ترتيبات أكثر تعقيداً.
الشرط الجديد جاء بالتوازي مع تمسك إسرائيل برفض بدء أي عملية لإعادة إعمار قطاع غزة، ما لم يتم نزع سلاح حركة حماس بشكل كامل، وهو مطلب تراه تل أبيب أساسياً لضمان ما تصفه بـ”الأمن طويل الأمد”.
موقف أميركي داعم لنزع السلاح
تأكيد أميركي واضح نقلته التقارير، حيث أبلغت واشنطن إسرائيل بدعمها لضرورة تجريد حركة حماس من السلاح.
هذا الموقف ينسجم مع الرؤية الأميركية التي تعتبر أن أي مرحلة سياسية أو اقتصادية لاحقة في غزة يجب أن تكون مشروطة بتغيير جذري في الواقع الأمني.
الإدارة الأميركية، التي رعت اتفاق وقف إطلاق النار، تضغط بقوة من أجل الانتقال إلى المرحلة الثانية، معتبرة أن الجمود الحالي يهدد بانهيار الاتفاق برمته، ويعيد المنطقة إلى مربع التصعيد.
وقف إطلاق نار هش وخلافات متراكمة
هدوء حذر يسود قطاع غزة منذ العاشر من أكتوبر الماضي، تاريخ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ.
ورغم تراجع العمليات العسكرية الواسعة، إلا أن الطرفين يتبادلان الاتهامات بخرق بنود الاتفاق، ما يعكس هشاشة التفاهمات القائمة.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصف الانتقال إلى المرحلة الثانية بأنه معقد، في إشارة إلى حجم التحديات السياسية والأمنية، وعمق الخلاف مع حركة حماس حول مستقبل القطاع.
خلاف جذري حول مستقبل غزة
تباين المواقف بين الطرفين لا يقتصر على التفاصيل الإجرائية، بل يمتد إلى جوهر المرحلة المقبلة. إسرائيل تطالب بنزع سلاح حركة حماس بالكامل، ومنعها من أي دور إداري أو سياسي مستقبلي داخل قطاع غزة.
في المقابل، ترفض حركة حماس التخلي عن سلاحها، وتعتبره حقاً مشروعاً، كما تشترط انسحاباً إسرائيلياً كاملاً من القطاع كمدخل لأي اتفاق طويل الأمد.
هذا التناقض العميق يجعل فرص التوصل إلى تسوية شاملة محفوفة بالعقبات.
ملف الرهائن والجثامين
اتفاق وقف إطلاق النار نص على تسليم الرهائن الأحياء والجثامين على مراحل، وبموجب الاتفاق، سلّمت حركة حماس آخر 20 رهينة على قيد الحياة، إضافة إلى رفات 27 رهينة متوفاة من أصل 28.
الجثمان الوحيد الذي لم يُسلّم بعد يعود للإسرائيلي ران غفيلي، البالغ من العمر 24 عاماً، وهو عنصر في وحدة الدوريات الخاصة “ياسام” بمنطقة النقب.
إسرائيل تتهم الفصائل الفلسطينية بالمماطلة المتعمدة في تسليم الجثمان، وتعتبر هذا الملف اختباراً لجدية الالتزام بالاتفاق.
حماس ترد وتبرر التأخير
رواية مغايرة قدمتها حركة حماس، حيث أكدت أن عملية انتشال الجثامين تواجه صعوبات كبيرة بسبب الدمار الهائل في قطاع غزة.
الحركة أشارت إلى أن أكوام الركام الناتجة عن حرب مدمرة استمرت قرابة عامين تعرقل عمليات البحث، وتؤدي إلى بطء في الوصول إلى مواقع الدفن.
هذا التبرير لم يقنع الجانب الإسرائيلي، الذي يرى في التأخير أداة ضغط سياسية، ويصر على إغلاق ملف الجثامين بشكل كامل قبل أي خطوات جديدة.
مستقبل غامض للاتفاق
المرحلة الثانية من اتفاق غزة تبدو عالقة بين شروط إسرائيلية صارمة ومطالب فلسطينية متناقضة، وسط ضغوط أميركية للحفاظ على مسار التهدئة.
المشهد الحالي يشير بأن أي اختراق حقيقي سيتطلب تنازلات صعبة، في وقت يظل فيه خطر انهيار الاتفاق قائماً.



