الزراعة تحقق إنجازًا دوليًا باعتماد «بحوث الصحة الحيوانية» جهة مانحة لاختبارات الكفاءة
في خطوة تعكس تحولًا نوعيًا في مسار تطوير منظومة البحث العلمي والرقابة البيطرية في مصر، أعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي تحقيق إنجاز جديد يُضاف إلى سجل النجاحات المؤسسية، بعدما حصل معهد بحوث الصحة الحيوانية التابع لمركز البحوث الزراعية على شهادة الاعتماد الدولية ISO/IEC 17043، ليصبح جهة معتمدة دوليًا لتنظيم ومنح اختبارات الكفاءة المعملية، وهو ما يمثل نقلة كبيرة في مكانة المعهد على المستويين الإقليمي والدولي.
هذا الاعتماد، الصادر عن المجلس الوطني للاعتماد «إيجاك – EGAC»، لم يكن إجراءً شكليًا أو روتينيًا، بل جاء تتويجًا لمسار طويل من التطوير المؤسسي، والتحديث الفني، وبناء القدرات البشرية، بما يواكب المعايير الدولية الصارمة في مجالات الصحة الحيوانية وسلامة الغذاء.
تقييم دولي صارم يفتح باب الاعتماد
مصادر بوزارة الزراعة كشفت أن منح شهادة الاعتماد الدولية لمعهد بحوث الصحة الحيوانية جاء عقب عملية تقييم دقيقة وشاملة نفذها فريق متخصص من المجلس الوطني للاعتماد، استمرت على مدار يومين متواصلين، خضع خلالها المعهد لفحص تفصيلي لكافة منظوماته الفنية والإدارية.
وشمل التقييم التأكد من قدرة المعهد على إدارة وتنفيذ 11 اختبار كفاءة معمليًا في مجالات حيوية شديدة الحساسية، تتعلق بصحة الحيوان وسلامة الغذاء، وعلى رأسها اختبارات الكشف عن الأمراض الوبائية العابرة للحدود، مثل أنفلونزا الطيور ومرض النيوكاسل، وهي أمراض تمثل تهديدًا مباشرًا للثروة الداجنة والأمن الغذائي، فضلًا عن اختبارات معملية دقيقة تتعلق بجودة وسلامة الأغذية ذات الأصل الحيواني.
ووفقًا لمعايير ISO/IEC 17043، فإن الجهة المعتمدة لا تكتفي بإجراء الاختبارات، بل تكون مسؤولة عن تصميم برامج اختبارات الكفاءة، وتقييم أداء المعامل المشاركة، وضمان النزاهة العلمية والدقة الفنية، وهو ما يعكس حجم المسؤولية والدور الجديد الذي بات يضطلع به المعهد.
وزير الزراعة: الاعتماد رسالة طمأنة للعالم
من جانبه، أكد علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن هذا الاعتماد الدولي يمثل أحد ثمار الجهود المتواصلة التي تبذلها الدولة المصرية لتطوير القطاعين الزراعي والحيواني باعتبارهما ركيزة أساسية للأمن الغذائي القومي.
وأوضح الوزير أن القيادة السياسية تولي اهتمامًا بالغًا بتطبيق وتوطين المعايير الدولية داخل المؤسسات البحثية الوطنية، بما يضمن رفع كفاءتها وتحقيق الاعتراف الدولي بنتائجها، مشيرًا إلى أن اعتماد معهد بحوث الصحة الحيوانية كجهة مانحة لاختبارات الكفاءة المعملية يعزز من مكانة مصر كمركز إقليمي ودولي للخبرة في مجالات الصحة الحيوانية وسلامة الغذاء.
وشدد فاروق على أن هذا الاعتماد يحمل رسالة واضحة للمجتمع الدولي مفادها أن المنتجات المصرية ذات الأصل الحيواني تخضع لأعلى مستويات الرقابة العلمية والفنية، وفقًا لمعايير دولية معترف بها، ما يدعم ثقة الأسواق العالمية في الشهادات الصادرة عن المعامل المصرية
دعم حكومي لاستدامة التميز وفتح أسواق جديدة
وأشار وزير الزراعة إلى أن الوزارة مستمرة في دعم المعاهد البحثية والمعامل المرجعية التابعة لها، من خلال توفير الإمكانيات التقنية المتطورة، وتأهيل الكوادر البشرية، بما يضمن استدامة هذا التميز وعدم توقفه عند حدود الحصول على الاعتماد فقط.
وأضاف أن تعزيز الثقة الدولية في منظومة الاختبارات المعملية المصرية يسهم بشكل مباشر في فتح أسواق تصديرية جديدة أمام المنتجات الحيوانية، ويدعم الاقتصاد الوطني عبر زيادة القدرة التنافسية للمنتج المصري، وتقليل الاعتماد على جهات خارجية في مجالات الفحص والاعتماد.
مدير المعهد: إنجاز استراتيجي يتجاوز الإطار الفني
بدورها، أكدت الدكتورة سماح عيد، مدير معهد بحوث الصحة الحيوانية، أن الحصول على شهادة ISO/IEC 17043 يُعد إنجازًا استراتيجيًا يتجاوز كونه نجاحًا فنيًا أو إداريًا، موضحة أن هذا الاعتماد جاء ثمرة للدعم المباشر والمستمر من وزير الزراعة ورئيس مركز البحوث الزراعية، في إطار خطة الدولة الشاملة للارتقاء بكفاءة المعامل المرجعية الوطنية.
وأشارت إلى أن هذا الاعتماد يحقق عوائد اقتصادية مباشرة، من خلال تقليل النفقات الكبيرة التي كان المعهد يتحملها سنويًا لإجراء اختبارات الكفاءة لمعامله الفرعية لدى جهات خارجية، فضلًا عن تمكينه من أداء هذا الدور داخليًا وفق معايير دولية معتمدة.
توفير نفقات وتعزيز ثقة دولية
وأوضحت مدير المعهد أن الاعتماد الدولي يعزز ثقة المنظمات الإقليمية والدولية في معهد بحوث الصحة الحيوانية باعتباره مرجعية علمية موثوقة في مجالات صحة الحيوان وسلامة الغذاء، وهو ما يفتح الباب أمام شراكات علمية وتعاون دولي أوسع خلال المرحلة المقبلة.
كما لفتت إلى أن المعهد بات مؤهلًا لتقديم خدمات اختبارات الكفاءة للمعامل الحكومية والخاصة، سواء داخل قطاع الزراعة أو خارجه، بما يشكل فرصة استثمارية جديدة تسهم في دعم موارد المعهد وتعزيز دوره الخدمي والعلمي في آن واحد.