رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

تحذير علمي صادم: إسطنبول قد تواجه زلزالًا كارثيًا يغير وجه المدينة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

دق تقرير تحليلي موسّع نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية ناقوس الخطر بشأن مستقبل مدينة إسطنبول، محذرًا من تطورات جيولوجية مقلقة تجري في أعماق بحر مرمرة، قد تفضي إلى واحد من أعنف الزلازل في تاريخ المنطقة الحديث.

التقرير، الذي استند إلى دراسة علمية حديثة نُشرت في مجلة ساينس، كشف أن ما يحدث تحت قاع البحر ليس مجرد نشاط زلزالي عابر، بل نمط متصاعد من الضغوط الجيولوجية المتراكمة على أحد أخطر خطوط الصدع في العالم، ما يضع مدينة يقطنها نحو 16 مليون نسمة أمام سيناريو كارثي محتمل.

بحر مرمرة… حلقة الوصل الجغرافية وبؤرة الخطر الزلزالي

يقع بحر مرمرة في موقع جغرافي بالغ الحساسية، إذ يربط بين البحر الأسود وبحر إيجة، ويمثل في الوقت ذاته نقطة التقاء صفائح تكتونية نشطة.

وبحسب التقرير، فإن خط صدع رئيسيًا يمر أسفل هذا البحر الداخلي يشهد خلال السنوات الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في مستوى الضغط، وهو ما اعتبره العلماء مؤشرًا خطيرًا على اقتراب لحظة الانفجار الزلزالي الكبير.

الدراسة العلمية أوضحت أن النشاط الزلزالي في المنطقة لم يعد عشوائيًا، بل بات يتخذ نمطًا متدرجًا ومنظمًا، يعكس حركة بطيئة ولكن ثابتة للضغوط التكتونية باتجاه منطقة شديدة الحساسية جنوب غربي إسطنبول.

صدع مرمرة الرئيسي… القنبلة الصامتة تحت إسطنبول

في قلب التحذيرات العلمية يبرز ما يُعرف باسم “صدع مرمرة الرئيسي”، وهو جزء مغلق من منظومة صدع شمال الأناضول الشهيرة.

ويبلغ طول هذا الصدع ما بين 15 و21 كيلومترًا، ويقع بالكامل تحت سطح البحر، على مقربة مباشرة من مدينة إسطنبول، ما يجعله واحدًا من أخطر الصدوع الزلزالية غير المنفجرة في العالم.

وبحسب الدراسة، فإن هذه المنطقة ظلت هادئة بشكل لافت منذ زلزال عام 1766، الذي بلغت قوته 7.1 درجة، وهو ما يعني أن الصدع لم يفرغ طاقته الزلزالية منذ أكثر من قرنين ونصف، الأمر الذي يزيد من احتمالات حدوث زلزال عنيف عند تمزقه.

زلازل متوسطة تمهّد للأكبر

رصد الباحثون خلال العشرين عامًا الماضية سلسلة من الزلازل المتوسطة الشدة، وصفها التقرير بأنها “تتحرك بانتظام نحو الشرق”، مقتربة شيئًا فشيئًا من منطقة صدع مرمرة الرئيسي.

هذا النمط المتكرر أثار قلق العلماء، الذين اعتبروا أن هذه الزلازل قد تكون بمثابة مقدمات أو “إنذارات مبكرة” لحدث زلزالي أكبر.

وأشار التقرير إلى أربعة زلازل متوسطة الشدة وقعت في تسلسل لافت، كان آخرها زلزال بقوة 6.2 درجة في أبريل 2025، وضرب المنطقة شرق خط الصدع مباشرة، ما عزز المخاوف من أن الزلزال التالي قد يكون أعنف، وقد يقع أسفل إسطنبول نفسها.

تحذيرات العلماء: «إسطنبول تتعرض لهجوم»

نقل التقرير تحذيرات صريحة من عدد من كبار علماء الزلازل، كان أبرزهم البروفيسور ستيفن هيكس من جامعة لندن، الذي وصف الوضع بقوله: “إسطنبول تتعرض لهجوم”، في إشارة إلى الضغط الزلزالي المتزايد الذي يتعرض له الصدع دون أن ينفجر بعد.

ويرى هيكس أن استمرار هذا النمط من النشاط الزلزالي يزيد من احتمالات حدوث تمزق مفاجئ للصدع، قد يؤدي إلى زلزال بقوة 7 درجات أو أكثر.

مثل هذا السيناريو، وفق التقديرات العلمية، قد تكون له آثار مدمرة على مدينة مكتظة بالسكان، تضم بنية تحتية واسعة، وملايين المباني التي لا يزال جزء كبير منها غير مجهز لتحمل زلازل كبرى.

خلاف علمي… لكن القلق مشترك

ورغم حدة التحذيرات، أشار التقرير إلى وجود آراء علمية متحفظة، من بينها رأي عالمة الزلازل جوديث هوبارد من جامعة كورنيل، التي رأت أن هذا التسلسل الزلزالي قد يكون مصادفة جيولوجية، وليس بالضرورة مقدمة مباشرة لزلزال كبير.

إلا أن التقرير شدد على أن هذا الرأي لا ينفي حقيقة أساسية، وهي أن صدع شمال الأناضول، الذي يُعد من أكثر الصدوع نشاطًا في العالم، لا يزال يحمل طاقة زلزالية هائلة لم يتم تفريغها بعد.


الزلزال مسألة وقت… لا احتمال

يتفق غالبية العلماء، بحسب التقرير، على أن السؤال لم يعد: هل سيقع الزلزال؟ بل متى سيقع؟
فالضغط المتراكم على الصدع، واستمرار النشاط الزلزالي المحيط به، يجعلان وقوع زلزال مدمر قرب إسطنبول مسألة وقت لا أكثر، حتى وإن تعذر تحديد موعده بدقة.

وأكدت عالمة الزلازل باتريشيا مارتينيز-غارزون، إحدى المشاركات في إعداد الدراسة، أن العلم لا يملك حتى الآن القدرة على التنبؤ الدقيق بموعد الزلازل، لكنها شددت في المقابل على أهمية الاستعداد المسبق، وتطوير أنظمة الإنذار المبكر، وتحديث خطط الطوارئ للحد من الخسائر البشرية والمادية.

تم نسخ الرابط