النحاس يحقق أرقام قياسية.. الصين وأزمة المعروض يدفعان المعدن الأحمر لقمة تاريخية

تعيش أسواق السلع العالمية موجة صعود قوية تقودها المعادن الصناعية، وعلى رأسها النحاس، الذي نجح في تسجيل أعلى مستوى له على الإطلاق، هذا الارتفاع القياسي لم يأتي من فراغ، بل جاء نتيجة تضافر عوامل اقتصادية وتجارية، أبرزها عودة الزخم إلى الاقتصاد الصيني، وتزايد المخاوف بشأن نقص المعروض عالميًا، إلى جانب تحركات استباقية في السوق الأمريكية. 

وفي ظل تزايد الاعتماد على النحاس في مشروعات الطاقة والتحول الكهربائي، تبدو الأسواق أمام مرحلة جديدة من التسعير المرتفع للمعدن الأحمر.

قفزة تاريخية في الأسعار

وارتفعت أسعار النحاس خلال تعاملات يوم الإثنين بنحو 1.3%، لتتجاوز حاجزًا قياسيًا جديدًا بلغ 11705 دولارات للطن، قبل أن تواصل التحرك قرب هذه المستويات المرتفعة في بورصة لندن للمعادن، وبذلك يكون النحاس قد سجل أعلى سعر في تاريخه، مدفوعًا بموجة شراء قوية من المستثمرين الذين يراهنون على استمرار الصعود خلال الفترة المقبلة.

الصين تعيد إشعال الطلب العالمي

وجاء الزخم الصعودي مدعومًا بشكل رئيسي من الصين، أكبر مستهلك للنحاس عالميًا، فقد أكد كبار المسؤولين في بكين التزامهم بسياسة نقدية توسعية بشكل معتدل، إلى جانب نهج مالي أكثر نشاطًا لتحفيز النمو الاقتصادي.

كما أظهرت أحدث بيانات التجارة الصينية تعافيًا ملحوظًا في الصادرات، متجاوزة التوقعات، مع تسجيل الفائض التجاري مستوى تاريخيًا تخطى تريليون دولار، وهو ما عزز التوقعات بانتعاش الطلب الصناعي، وعلى رأسه الطلب على النحاس.

المخزونات الأميركية تزيد توتر السوق

وساهمت التحركات الأمريكية في زيادة الضغوط على السوق العالمية، مع تسارع تدفق كميات كبيرة من النحاس إلى الولايات المتحدة تحسبًا لاحتمال فرض رسوم جمركية على الواردات العام المقبل، وهذا السلوك الاستباقي أدى إلى ضغط المخزونات في الأسواق الأخرى ورفع علاوات الأسعار، ما غذّى موجة الارتفاع الأخيرة.

واصل النحاس أداءه القوي هذا العام، محققًا مكاسب تجاوزت 30% في بورصة لندن للمعادن، مدعومًا بدوره الحيوي في التحول نحو الطاقة النظيفة وزيادة الاعتماد على الكهرباء والسيارات الكهربائية، ومع اتساع هذا التحول، تتزايد المخاوف من فجوة مستدامة بين العرض والطلب على المدى المتوسط.

عجز متوقع واستثمارات غير كافية

وتوقعت مؤسسات مالية أن يشهد السوق العالمي عجزًا في إمدادات النحاس المنقى يصل إلى نحو 450 ألف طن بحلول عام 2026، حيث يرى محللو "سيتيك سيكيوريتيز" أن الأسعار الحالية، رغم ارتفاعها، قد لا تكون كافية وحدها لتحفيز استثمارات واسعة في مشروعات تعدين جديدة، مؤكدين أن متوسط السعر يجب أن يتجاوز 12 ألف دولار للطن لضمان تدفقات استثمارية كافية تغطي الطلب المستقبلي.

ولم يكن النحاس وحده في دائرة الصعود، حيث شهدت معظم المعادن الصناعية ارتفاعًا ملحوظًا، حيث صعد الزنك بنحو 0.7%، وارتفع الألمنيوم بنسبة 0.4%، في مؤشر على حالة انتعاش أوسع داخل أسواق المعادن.