رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

80 ساعة أسبوعيًا.. أسرار جدول العمل القاسي لإيلون ماسك رجل الأعمال الأمريكي

إيلون ماسك
إيلون ماسك

يُعرف رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركتي تسلا و سبيس إكس وعدد من الشركات التقنية الأخرى، بنمط عمل استثنائي قد يصل إلى 80–100 ساعة أسبوعيًا، وهو ما يعتبره شرطًا أساسيًا لتحقيق إنجازات «قادرة على تغيير العالم». 

ويؤكد ماسك أن «لا أحد يُحدث ثورات كبرى من خلال أسبوع عمل عادي مدته 40 ساعة»، وهي رؤية كثيرًا ما تثير الجدل داخل الأوساط المهنية والأكاديمية.

هذا النهج الحاد في العمل يُنتج، وفق متخصصين، تأثيرين متناقضين: فهو إما يلهم الموظفين ويدفعهم إلى بذل جهد أكبر، أو يؤدي إلى إنهاكهم والإضرار بصحتهم النفسية. وفي ما يلي قراءة موسعة لوجهي هذه المعادلة.

أخلاقيات العمل لدى ماسك مصدر إلهام أم تضحية مفرطة؟

يلهم التفاني الشديد الذي يبديه ماسك كثيرين من رواد الأعمال والباحثين عن النجاح في مجالات الابتكار، سواء في تطوير السيارات الكهربائية أو دفع حدود استكشاف الفضاء.

 وتشير روايات سابقة إلى أن ماسك يمضي ليالي كاملة في مكتبه خلال الفترات الحرجة للشركات، في محاولة لتجاوز العقبات وتحقيق أهدافه الطموحة.

ويرى أنصاره أن هذا الالتزام المكثف يمثّل نموذجًا للتضحية في سبيل إحداث تغييرات كبرى، ويمنح العاملين معه دافعًا إضافيًا للسعي نحو الإنجاز.

الوجه الآخر… تداعيات نفسية خطيرة لساعات العمل المفرطة

لكن الصورة ليست وردية بالكامل، بحسب دراسات علمية، يُسبب العمل لأكثر من 50 ساعة أسبوعيًا زيادة في معدلات التوتر والقلق والإرهاق النفسي، إلى جانب اضطرابات النوم وارتفاع احتمالات الإصابة بالاكتئاب. 

كما ترتفع الأخطاء المهنية مع زيادة عدد ساعات العمل، في حين تتراجع القدرة على التركيز.

العمل المرهق 
العمل المرهق 

وتؤكد أبحاث  أن أداء الموظفين ينخفض بشكل ملحوظ عند تجاوز ساعات العمل المعتادة، ما يجعل الاستمرار في العمل لثمانين ساعة أو أكثر أمرًا يضر غالبية الأفراد.

 وقد اعترف ماسك نفسه بأنه عانى مرارًا من آثار جسدية ونفسية بسبب ضغوط العمل.

مفارقة الإنتاجية حين يصبح العمل المتواصل أقل فاعلية

تشير دراسات عديدة إلى أن الإنتاجية تبلغ ذروتها بين 40 و50 ساعة عمل أسبوعيًا، قبل أن تبدأ بالانخفاض الحاد. ورغم أن العمل المكثف قد يُوحي بالإنتاج، إلا أن نتائجه قد تكون عكسية تمامًا بسبب الإرهاق البدني والعقلي.

وتُظهر تجارب دول وشركات اعتمدت جداول عمل أقصر أن الموظفين يصبحون أكثر رضا وفاعلية، وأن المؤسسات تحقق أداءً أفضل على المدى الطويل، خاصة عندما يحصل العاملون على فترات راحة وتعافٍ كافية.

تغيّر عالمي نحو تعزيز التوازن بين الحياة والعمل

تشهد العديد من الدول تحولًا ثقافيًا نحو تقليص ساعات العمل لتعزيز صحة الموظفين دون الإضرار بالإنتاجية. 

فقد فرضت دول مثل فرنسا وفنلندا قيودًا واضحة على ساعات العمل، مع توفير إجازات مدفوعة إضافية لدعم الصحة النفسية.

وتؤكد الاتجاهات العالمية الحديثة أن الراحة، والمرونة، وأوقات الاستجمام ليست رفاهية، بل عوامل أساسية للإبداع والمخرجات عالية الجودة  وهي الرؤية التي تتعارض مع فلسفة ماسك القائمة على الضغط المستمر.

بين التفاني والإنهاك أين يكمن التوازن؟

ورغم أهمية العمل الجاد لتحقيق النجاح، يؤكد خبراء الصحة النفسية ضرورة وضع حدود واضحة لساعات العمل، وتخصيص وقت للنوم وفترات راحة منتظمة للحفاظ على الصحة الذهنية والجسدية.

 فالتفاني الذي أظهره ماسك أدى بالفعل إلى مشكلات صحية لديه، وهو ما يسلط الضوء على مخاطر تجاوز الطاقة البشرية.

ويشدد الخبراء على أن تحقيق الأهداف طويلة المدى يتطلب نظامًا متوازنًا يجمع بين العمل المُركّز والراحة الكافية، لأن الإرهاق المستمر قد يقوّض النجاح بدلًا من تعزيزه.

تم نسخ الرابط