فضيحة تهز كييف: وزير العدل الأوكراني في قلب تحقيق فساد يطال حليفًا مقرّبًا من زيلينسكي
أعلنت رئيسة الوزراء الأوكرانية يوليا سفيريدينكو، الأربعاء، تعليق مهام وزير العدل الأوكراني جيرمان جالوشينكو على خلفية اتهامات بالفساد، في خطوة هزّت أروقة السلطة في كييف.
القرار جاء عقب توجيه النيابة العامة الأوكرانية اتهامات مباشرة إلى الوزير بتحصيل منافع شخصية من تيمور مينديتش، أبرز حلفاء الرئيس فولوديمير زيلينسكي، والمتورط في مخطط لاختلاس نحو 100 مليون دولار من قطاع الطاقة، وفق ما نقلته وكالة “فرانس برس”.
وأكدت سفيريدينكو عبر حساباتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي أن الحكومة قررت تعليق مهام وزير العدل الأوكراني جالوشينكو مؤقتًا إلى حين انتهاء التحقيقات، مشيرة إلى أن وزيرة التكامل الأوروبي ليودميلا سوجاك ستتولى إدارة وزارة الطاقة بصفة مؤقتة.
فضيحة تضرب قلب قطاع الطاقة
التحقيقات الجارية كشفت عن علاقة مالية مشبوهة بين وزير العدل الأوكراني جالوشينكو ومينديتش، تمثلت في حصول الوزير على “مكاسب شخصية” مقابل تسهيل السيطرة على تدفقات الأموال داخل قطاع الطاقة الأوكراني، بحسب ما أعلن مكتب المدعي العام المتخصص في مكافحة الفساد سابو.
فضيحة الفساد الجديدة جاءت لتضيف حلقة جديدة في سلسلة الأزمات التي تضرب قطاع الطاقة الحيوي، والذي يشكّل ركيزة أساسية في الاقتصاد الأوكراني.
الوكالة الفرنسية أكدت أن الفضيحة أحدثت صدمة داخل الحكومة وأربكت التحالفات السياسية المحيطة بالرئيس زيلينسكي، الذي يواجه انتقادات متزايدة بسبب استمرار ملفات الفساد داخل دائرته المقربة.
مسيرة الوزير المتهم تثير الجدل
تاريخ وزير العدل الأوكراني جيرمان جالوشينكو المهني حافل بالمناصب الحساسة في مؤسسات الدولة.
فقد عمل في مكتب النائب العام ووزارة الخارجية والإدارة الرئاسية، كما شغل منصب المدير التنفيذي للدعم القانوني بين عامي 2013 و2014، ثم نائبًا لرئيس شركة حكومية للطاقة بين 2020 و2021.
وفي أبريل 2021، عُيّن وزيرًا للطاقة، قبل أن يتولى حقيبة العدل في يوليو 2025، بعد استقالة رئيس الوزراء السابق دينيس شميجال وتشكيل حكومة سفيريدينكو الجديدة.
غير أن مسيرته التي بدت واعدة انقلبت رأسًا على عقب بعد تسريب الوثائق المالية التي ربطت اسمه بمخططات مشبوهة في مجال الطاقة.
فساد يضرب عمق المؤسسات الأوكرانية
القضية الأخيرة ليست الأولى من نوعها في كييف، ففي أغسطس الماضي، أعلنت السلطات الأوكرانية توقيف أربعة مسؤولين بتهم تتعلق بعقود تصنيع طائرات مسيّرة بأسعار مبالغ فيها، أحدهم النائب أوليسكي كوزنتسوف، العضو في حزب خادم الشعب التابع لزيلينسكي.
كما سبق لجهاز الأمن الأوكراني أن كشف، في يناير الماضي، عملية فساد ضخمة تتعلق بشراء الجيش أسلحة بقيمة 40 مليون دولار، في وقت تواجه فيه البلاد تحديات مالية هائلة بسبب الحرب المستمرة.
تحدٍّ جديد أمام وعود زيلينسكي
ملف مكافحة الفساد لا يزال أحد أكبر التحديات التي تواجه أوكرانيا في مسارها نحو الانضمام للاتحاد الأوروبي.
الرئيس زيلينسكي كرر مرارًا تعهده باجتثاث الفساد من مؤسسات الدولة، لكن سلسلة الفضائح الأخيرة أضعفت مصداقية تلك الوعود وأثارت تساؤلات حول نفوذ المقربين منه في الحكومة.
ويأتي هذا التحقيق في وقت تواجه فيه البنية التحتية الأوكرانية دمارًا واسعًا نتيجة الضربات الروسية المتواصلة، ما يزيد الضغوط على القيادة السياسية التي تحاول الموازنة بين إدارة الحرب ومحاربة الفساد الداخلي.
كييف أمام مفترق طرق
الشارع الأوكراني يترقب نتائج التحقيقات وسط تصاعد الغضب الشعبي من تكرار قضايا الفساد داخل الطبقة الحاكمة.
المحللون يرون أن مصداقية زيلينسكي باتت على المحك، وأن مستقبل الحكومة الحالية يعتمد على قدرتها في التعامل بشفافية وحزم مع هذه القضية التي تهدد بتقويض الثقة الدولية بأوكرانيا في لحظة حساسة من تاريخها السياسي.

