الإفتاء: المتحف المصري الكبير ميلاد حضارة تتجدد بروح الإيمان والوطن
في لحظة استثنائية تلتفت فيها أنظار العالم نحو القاهرة، تستعد مصر لافتتاح المتحف المصري الكبير يوم السبت المقبل، في حدثٍ يُعد الأكبر من نوعه في تاريخ المتاحف العالمية وبينما تتزين أروقة المتحف بروائع الحضارة المصرية التي تمتد جذورها لآلاف السنين، تأتي كلمات فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، لتضيء بُعدًا جديدًا لهذا الافتتاح، مؤكدًا أن المتحف ليس مجرد مبنى يضم آثارًا، بل هو صرح حضاري وإنساني يعكس رؤية مصر في الحفاظ على هويتها ونقلها إلى الأجيال القادمة.
هذا المشروع، كما يرى المفتي، يمثل رسالة حضارية سامية إلى العالم أجمع، مفادها أن الأمة التي صانت آثارها قادرة على أن تصون قيمها ومبادئها، وأن الحضارة المصرية التي أبهرت الإنسانية لا تزال منارة تُشع نورًا في دروب الثقافة والمعرفة.
أوضح مفتي الجمهورية أن افتتاح المتحف المصري الكبير ليس مناسبة ثقافية فحسب، بل حدث وطني كبير يحمل أبعادًا حضارية وروحية، إذ يجسد رؤية الدولة المصرية في إحياء الذاكرة التاريخية وتكريم تراثها العريق.
وقال فضيلته إن هذا المتحف يمثل رمزًا لتكامل الماضي مع الحاضر، حيث تُترجم فيه رؤية القيادة السياسية في الحفاظ على كنوز مصر الأثرية وتقديمها للعالم في أبهى صورة، تؤكد أن مصر حاضرة في وجدان التاريخ كما هي حاضرة في قلب المستقبل.
وأشار فضيلته إلى أن الأمم التي تحفظ تاريخها قادرة على بناء مستقبلها بثقة، فالمتحف المصري الكبير رسالة مفادها أن مصر تعرف طريقها، وتُدرك أن تقدم الأمم لا ينفصل عن جذورها الروحية والثقافية.
ولذلك، فإن هذا الافتتاح ليس مجرد تدشين لمبنى أثري، بل هو احتفاء بالهوية المصرية الأصيلة التي تمتد من أعماق التاريخ إلى قلب الحداثة.
منارة حضارية عالمية.. ومشروع قومي للأجيال القادمة
المتحف المصري الكبير، الذي يقع بالقرب من أهرامات الجيزة، يُعد أكبر متحف أثري في العالم، ويضم أكثر من مئة ألف قطعة أثرية تُجسد مراحل تطور الحضارة المصرية عبر العصور.
وأكد مفتي الجمهورية أن هذا المشروع الضخم يجسد روح العزيمة والإبداع المصري، ويعكس إرادة الدولة في تحويل التراث إلى طاقة معرفية تُلهم الإنسانية.
وأضاف فضيلته أن المتحف ليس مجرد مكان للعرض، بل هو مؤسسة ثقافية وعلمية متكاملة، ستسهم في البحث والتعليم والحوار الثقافي بين الحضارات.
وأشار إلى أن مصر، من خلال هذا الصرح، تقدم نموذجًا فريدًا لكيفية تحويل التاريخ إلى طاقة للنهوض، وكيف يمكن للآثار أن تُعيد تشكيل وعي الأجيال بالهوية الوطنية والإنسانية.
رؤية شرعية.. الإسلام دعا إلى صون المعالم وعمارة الأرض
في تأكيدٍ على البعد الديني للحفاظ على التراث، أوضح فضيلة مفتي الجمهورية أن الإسلام لم يكن يومًا دينًا منغلقًا على نفسه أو معاديًا للمعرفة الإنسانية، بل هو دين يدعو إلى التأمل في التاريخ وعمارة الأرض وصيانة آثار الأمم.
واستشهد فضيلته بقول الله تعالى: {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61]، أي طلب من الإنسان أن يُعمر الأرض ويحافظ على معالمها.
وأضاف أن العناية بالآثار والتراث الإنساني تأتي في إطار حفظ الأمانة التي استخلف الله فيها الإنسان، فكل أثر تركه الإنسان هو شاهد على قدرته وإبداعه، ويجب أن يُصان ويُحترم باعتباره جزءًا من ذاكرة الإنسانية المشتركة.
كما أشار إلى أن النصوص القرآنية تدعو إلى النظر في أحوال الأمم السابقة والعبرة بتاريخها، فقال تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [آل عمران: 137].
وأوضح أن هذا التوجيه الإلهي يحمل دلالة واضحة على أن دراسة آثار السابقين نوع من التفكر المشروع والواجب الإنساني، الذي يعزز الإيمان بقدرة الله ويُعمّق وعي الإنسان بالحياة.
المتحف المصري الكبير.. ذاكرة الأمة وشهادة العصر
يرى فضيلة المفتي أن المتحف المصري الكبير هو ذاكرة حيّة للأمة المصرية، تحفظ تاريخها، وتروي للأجيال القادمة قصة الإنسان الذي بنى وصنع وأبدع.
وأكد أن الاهتمام بالآثار ليس رفاهية ثقافية، بل واجب وطني وأخلاقي، لأن التراث هو الذي يصنع الوعي بالذات ويؤكد انتماء الإنسان إلى جذوره.
وأضاف أن كل قطعة أثرية في هذا المتحف تحمل رسالة صامتة عن روح مصر، عن فكرها وإبداعها ووعيها بقيمة الإنسان، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية قدمت من خلال هذا المشروع نموذجًا يحتذى به في صون الهوية الحضارية دون أن تنغلق على الماضي.
فالمتحف ليس استدعاءً للتاريخ فقط، بل هو جسر يربط بين ماضي الأمة ومستقبلها.
رسالة مفتي الجمهورية.. الإبداع والهوية وجهان لعظمة مصر
أكد فضيلة الدكتور نظير محمد عياد أن افتتاح المتحف المصري الكبير يمثل رسالة حضارية إلى العالم، بأن مصر التي علمت البشرية الكتابة والفكر والفن، ما زالت قادرة على تقديم الإبداع الإنساني في أسمى صوره.
وأشار إلى أن الأمة التي صانت آثارها بإتقان قادرة على أن تصون قيمها ومبادئها، وأن هذا المتحف هو رمز للعقل المصري المبدع الذي جمع بين الإيمان بالهوية والانفتاح على العالم.
وأضاف فضيلته أن الحفاظ على التراث يعني الحفاظ على ذاكرة الأمة وكرامتها وتاريخها المشترك، وأن كل يدٍ شاركت في بناء هذا الصرح، وكل عقلٍ ساهم في تخطيطه، إنما أدى واجبًا وطنيًا ساميًا.
وقال المفتي: "بهؤلاء الذين جمعوا بين الإخلاص والعلم والإبداع، تبقى مصر درة التاريخ ومصدر الإلهام لكل الحضارات".