جبهات مشتعلة بين روسيا وأوكرانيا وتصعيد ميداني يُهدد بفيضانات ومفاوضات تراوح مكانها
تتواصل المعارك الميدانية بين روسيا وأوكرانيا بوتيرة متصاعدة رغم الحراك الدبلوماسي المتجدد بين موسكو وواشنطن، ما يثير مخاوف من انزلاق الأوضاع نحو مزيد من التعقيد.
وبينما تتحدث روسيا عن "ردٍّ محسوب" على الهجمات الأوكرانية، حذّر مسؤولون روس من خطر فيضانات محتملة بعد قصف سد في منطقة بيلغورود، في وقت تتزامن فيه التطورات العسكرية مع مفاوضات سياسية متعثرة وضغوط غربية غير مسبوقة على الكرملين.
قصف أوكراني يهدد بفيضانات على الحدود
أعلن حاكم منطقة بيلجورود الروسية فياتشيسلاف جلادكوف أن القوات الأوكرانية قصفت سداً محلياً، ما أدى إلى أضرار جسيمة واحتمال حدوث فيضانات في مناطق حدودية متاخمة لأوكرانيا.
وحذّر جلادكوف سكان تجمعي شيبيكينو وبيزليودوفكا من البقاء في منازلهم، داعياً إلى الانتقال لمراكز إيواء مؤقتة تحسباً لأي انهيار محتمل للسد.
ويقع هذا الخزان في منطقة حساسة على حدود خاركيف شرقي أوكرانيا، والتي تشهد منذ بداية الحرب هجمات متبادلة بين الجانبين، وسط تبادل للاتهامات حول استهداف منشآت مدنية.
رد روسي واسع على "الهجمات الأوكرانية"
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية تنفيذ ضربات دقيقة بعيدة المدى استهدفت منشآت عسكرية أوكرانية وبنية تحتية للطاقة قالت إنها تدعم العمليات القتالية لكييف.
وأكدت موسكو أن جميع الأهداف المحددة أُصيبت بنجاح، وأن الهجمات جاءت رداً على ما وصفته بـ"اعتداءات أوكرانية على مدنيين داخل الأراضي الروسية".
وأوضحت الوزارة أن وحدات من مجموعة الشمال تمكنت من دحر تشكيلات أوكرانية قرب بلدات عدة في مقاطعة سومي، من بينها لينينسكي ونوفايا سيش وكورتشاكيفكا، مشيرة إلى سقوط خسائر كبيرة في صفوف القوات الأوكرانية.
مفاوضات متعثرة بين موسكو وواشنطن
على الصعيد السياسي، أكّد كيريل دميترييف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي للاستثمار والتعاون الاقتصادي، أن المفاوضات مع الولايات المتحدة ما زالت قائمة رغم تصاعد التوتر بين الرئيسين ترامب وبوتين بعد العقوبات الأخيرة على شركتي النفط الروسيتين "لوك أويل" و"روسنفت".
وقال دميترييف إن أي تسوية يجب أن تراعي "مصالح روسيا الأمنية"، وأن تضع حداً لجذور النزاع لا لمظاهره فقط، محذراً من تجاهل المخاوف الروسية من تمدد حلف شمال الأطلسي.
دعم أوروبي متزايد لأوكرانيا
في المقابل، حظيت كييف بدفعة دعم قوية خلال اجتماع "تحالف الراغبين" الذي استضافته لندن، حيث تعهّد الحلفاء بتزويدها بخمسة آلاف صاروخ خفيف الوزن وتسريع عمليات إنتاج السلاح.
كما بحث المشاركون الاستفادة من الأصول الروسية المجمدة لتمويل الدفاع الأوكراني، ضمن حملة ضغط جديدة تهدف إلى زيادة كلفة الحرب على موسكو.
وأكدت مصادر دبلوماسية أوروبية أن المرحلة المقبلة ستشهد تنسيقاً مكثفاً مع واشنطن لتوحيد العقوبات والجهود العسكرية، في ظل إدراك مشترك بأن بوتين لم يُبدِ حتى الآن أي استعداد فعلي للتراجع.
حرب تتّسع.. ودبلوماسية متباطئة
تأتي هذه التطورات بينما يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تحقيق اختراق سياسي ينهي الحرب الممتدة منذ أكثر من ثلاث سنوات، التزاماً بوعوده الانتخابية، لكنه يصطدم بموقف روسي متمسك بشروط يعتبرها "جذرية".
ويرى مراقبون أن التصعيد الميداني على الحدود الروسية الأوكرانية يُضعف فرص التوصل إلى وقف إطلاق نار قريب، خصوصاً في ظل تهديدات الفيضانات والتوترات داخل أوروبا بشأن تمويل الحرب.
وفي خضم هذه المعادلة المعقدة، تبدو الحرب بين موسكو وكييف أمام منعطف جديد، يجمع بين نيران المعارك ومياه الخطر، بينما لا تزال الطاولات الدبلوماسية عاجزة عن إطفاء الجبهات المشتعلة.



