طموح جامح وحرص أنقذ مسيرته.. كيف تجنب أبو هشيمة مصير أحمد عز؟

لم يعد اسم أحمد أبو هشيمة غريبًا على المشهد الاقتصادي والإعلامي والسياسي في مصر. الرجل الذي بدأ حياته كتاجر صغير للحديد والخردة في حي الوايلي، أصبح خلال عقدين واحدًا من أكثر رجال الأعمال إثارة للجدل والإعجاب في نفس الوقت، وصاحب ثروة تقدرها بعض المصادر بأكثر من مليار دولار، فيما يراها آخرون غامضة تحيط بها علامات استفهام.
وُلد أبو هشيمة عام 1975 لعائلة متوسطة، وتخرج في كلية التجارة بجامعة قناة السويس عام 1996، ولم ينتظر طويلًا حتى اتجه مباشرة إلى العمل، حيث بدأ نشاطه في تجارة مواد البناء والخردة، متنقلًا بين الموردين والتجار.

رجل الحديد
ومع بدايات الألفية الجديدة، وضع قدمه الأولى في سوق صناعة الحديد، قبل أن يطلق مجموعة "حديد المصريين" عام 2010، التي سرعان ما صعدت لتصبح أحد اللاعبين الكبار في السوق، مستفيدة من استثمارات بمليارات الجنيهات في مصانع ببني سويف والعين السخنة وبورسعيد.
لم يكتف أبو هشيمة بالصناعة، ففي عام 2016 فاجأ الجميع بخطوة أكثر إثارة للجدل حين استحوذ على قناة ONTV من رجل الأعمال نجيب ساويرس، ثم توسع سريعًا عبر شركة "المصريين للإعلام" ليستحوذ على صحف ومواقع وقنوات، ويصبح لاعبًا رئيسيًا في المشهد الإعلامي.
لكن التجربة لم تدم طويلًا؛ ففي العام التالي انسحب فجأة ببيع حصصه لشركة "إيغل كابيتال"، خطوة فسّرها البعض بأنها جاءت بضغوط سياسية لإعادة توزيع النفوذ في سوق الإعلام.

من البيزنس للسياسة
بعد خروجه من الإعلام، لم يبتعد أبو هشيمة عن الأضواء، فقد اتجه إلى السياسة بشكل رسمي مع دخوله مجلس الشيوخ عام 2020 وتوليه رئاسة لجنة الشباب والرياضة.
هنا بدا أن رجل الصناعة تحوّل إلى شخصية عامة كاملة الأركان، تجمع بين الثروة والنفوذ السياسي وحضور إعلامي مستمر، مدعومًا بظهور متكرر في مبادرات مجتمعية تستهدف دعم الشباب وتطوير القرى الفقيرة، وهو ما يعكس صورة رجل الأعمال "الوطني" كما يحب أن يقدم نفسه، في مشهد أعاد للأذهان بدايات رجل الحزب الوطني الشهير أحمد عز الذي انتقل من البيزنس إلى دروب السياسة بخفة وسرعة شديدتين لكن النهايات لم تكن واحدة، لكن حرص أبو هشيمة نجاه من مصير رجل السياسات السابق في الحزب الوطني، وامتاز أبو هشيمة بقلة تصريحاته السياسية البعيدة عن الزلات أو استغلال النفوذ من وظائفه العامة في العمل السياسي.
لكن الوجه الآخر لقصة أبو هشيمة لم يغب عن المشهد؛ فقد واجه اتهامات متكررة بالاستفادة من سياسات حمائية فرضتها الدولة على الحديد المستورد، الأمر الذي منح مصانع "حديد المصريين" ميزة تنافسية قوية.

شائعات هنا وهناك
كما لاحقته شائعات عن مقاطع فيديو مسرّبة وُصفت بأنها مفبركة، فضلًا عن اتهامات غير مباشرة بالاستفادة من قربه من دوائر السلطة لتعزيز نفوذه الاقتصادي، وبرغم ذلك لم تصدر بحقه إدانات قضائية أو أحكام تثبت تلك الادعاءات.
اليوم، ينقسم الرأي العام حول أحمد أبو هشيمة، فهناك من يراه قصة نجاح ملهمة لرجل بدأ من الصفر ليصعد إلى قمة عالم المال والأعمال، بينما يعتبره آخرون نموذجًا لـ"باشوات العصر الحديث" الذين جمعوا بين المال والسياسة في زمن قصير، مستفيدين من طبيعة السوق والدعم السياسي غير المعلن.
وبين هذه الصورة وتلك، تظل رحلته واحدة من أبرز القصص في سجل "أثرياء مصر الجدد"؛ رحلة تختلط فيها الطموحات الشخصية بالمتغيرات السياسية والاقتصادية، ويصعب حسمها بين المكشوف والمستور.