أزمة خطيب الدقهلية المجهول تتصاعد .. والأوقاف تواجه الغضب الشعبي

في حادثة أثارت جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، تحولت مشاهد بثّ مباشر من أحد مساجد محافظة الدقهلية إلى قضية رأي عام، بعد أن أقدم طالب أزهري على الصعود إلى المنبر متحدثًا عن مولد النبي محمد ﷺ بعبارات اعتُبرت مسيئة لمقام النبوة وبينما تصاعدت حالة الاستنكار الشعبي والافتراضي، خرجت وزارة الأوقاف المصرية عن صمتها كاشفة تفاصيل الواقعة وملابساتها، مؤكدة أنها لن تسمح بأي تجاوز على قدسية المنابر، ولا باستغلال المناسبات الدينية العظيمة في نشر عبارات أو ممارسات تهدد وحدة المجتمع وأمنه الفكري.
الفيديو الذي أشعل مواقع التواصل
تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الأخيرة مقطع فيديو لشاب يرتدي زيًا أزهريًا، ظهر فيه وهو يعتلي منبر أحد المساجد التابعة لمحافظة الدقهلية، متحدثًا عن ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم بعبارات وصفها المتابعون بأنها تحمل إساءة صريحة لمقام النبوة.
المشهد لم يمر مرور الكرام، إذ سرعان ما لاقى موجة عارمة من الغضب، عبّر عنها كثير من المواطنين الذين شددوا على ضرورة محاسبة كل من يتجرأ على المنابر دون علم أو تأهيل، معتبرين أن ما حدث يمثل استهانة بحرمة المسجد وقدسية المناسبة الدينية.
موقف وزارة الأوقاف: الطالب ليس خطيبًا معتمدًا
وفي أول رد رسمي، كشف مصدر مطلع بوزارة الأوقاف أن الشخص الذي ظهر في الفيديو ليس من الخطباء التابعين للوزارة، ولا يملك أي صفة دعوية معتمدة.
وأوضح المصدر أن الشاب لا يعدو كونه طالبًا بالمرحلة الثانوية الأزهرية، تسلل إلى المنبر دون إذن رسمي أو تصريح مسبق، في مخالفة واضحة وصريحة للتعليمات المنظمة لشؤون الدعوة والخطابة داخل المساجد.
المصدر شدّد على أن الوزارة تملك قواعد صارمة تنظم عمل الدعاة والخطباء، وأن اعتلاء المنبر لا يمكن أن يتم إلا عبر قنوات رسمية تضمن أهلية الخطيب من الناحية العلمية والدعوية، بما يحفظ قدسية المنابر ويحمي المجتمع من أي خطاب غير مسؤول.
فتح التحقيق وتحديد المسؤوليات
ما أن علمت وزارة الأوقاف بالواقعة، حتى سارعت إلى تكليف أجهزة التفتيش العام والمديريات المختصة بفتح تحقيق شامل في ملابسات ما حدث.
التحقيقات، وفق ما أكده المصدر، لا تستهدف فقط الطالب الذي ارتكب التجاوز، بل تمتد أيضًا لمحاسبة أي تقصير إداري أو رقابي سمح له باعتلاء المنبر دون متابعة كما شددت الوزارة على أن أي موظف أو مسؤول يثبت تقصيره في أداء واجبه سيُحال فورًا للمساءلة.
هذا التحرك السريع، بحسب متابعين، يعكس رغبة الوزارة في قطع الطريق على أي محاولات لاستغلال المساجد أو العبث بمنابرها تحت أي ذريعة.
قدسية المنبر.. خط أحمر
وزارة الأوقاف لم تكتفِ ببيان تفاصيل الواقعة، بل أكدت بلهجة حاسمة أن المنابر خط أحمر، وأنها لن تسمح بتكرار مثل هذه الحوادث.
وشددت على أن أي محاولة لتوظيف المساجد في نشر عبارات مسيئة أو أفكار متطرفة أو حتى اجتهادات شخصية غير مؤهلة ستواجه بحزم كامل.
وأوضحت أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف يمثل مناسبة عظيمة لا يجوز المساس بقدسيتها أو تشويه معانيها، وأن الوزارة ملتزمة بالحفاظ على الأمن الفكري والديني، عبر منع أي صوت غير مسؤول من الصعود إلى المنابر.
حماية الأمن الفكري والديني
في سياق متصل، شدّدت وزارة الأوقاف، على أن قضية ضبط العمل الدعوي لا تقتصر على العقوبات أو التحقيقات، بل تتعلق أساسًا بالحفاظ على الأمن الفكري والديني للمجتمع.
وأشارت إلى أن السماح لأي شخص غير مؤهل باعتلاء المنبر قد يفتح الباب أمام خطاب مشوش أو متطرف، يسيء للدين ويفتح المجال أمام الفتن ولهذا تواصل الوزارة العمل على تكثيف الرقابة على المساجد، والتأكد من أن خطب الجمعة والدروس الدينية تقدم من كوادر مؤهلة علميًا وملتزمة بالمنهج الوسطي المعتدل.
غضب شعبي ودعوات للردع
الحادثة، وإن بدت فردية في ظاهرها، إلا أنها أثارت نقاشًا واسعًا حول ضرورة تشديد الرقابة على المساجد، وضمان عدم استغلالها من غير المتخصصين.
فقد عبر عدد من رواد مواقع التواصل عن صدمتهم من جرأة الطالب على اعتلاء المنبر والتحدث بعبارات مسيئة في مناسبة دينية عظيمة مثل المولد النبوي الشريف وطالبوا الوزارة بضرورة فرض عقوبات رادعة، ليس فقط على من ارتكب المخالفة، بل على كل مسؤول قصّر في منعه.
كما حذر آخرون من أن مثل هذه التجاوزات قد تُستغل من قبل تيارات متشددة أو مغرضة لتشويه صورة الإسلام أو إثارة الفتن بين الناس.
الأوقاف وتجديد الخطاب الديني
تأتي هذه الواقعة في وقت تسعى فيه وزارة الأوقاف لتجديد الخطاب الديني وتطهير المنابر من أي فكر متشدد أو غير منضبط.
وقد أطلقت الوزارة خلال السنوات الأخيرة سلسلة من الإجراءات الصارمة لضبط شؤون الدعوة، من بينها حصر الخطابة على الأئمة المعتمدين، وإطلاق برامج تدريبية تهدف إلى رفع كفاءة الدعاة، إضافة إلى استخدام المنصات الرقمية في نشر الفكر الوسطي المستنير.
حادثة صعود الطالب الأزهري إلى منبر أحد مساجد الدقهلية أثارت عاصفة من الغضب الشعبي، وأكدت مجددًا أن المنابر ليست مكانًا للتجارب أو العبارات الطائشة.