رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

الاغتيال المعنوي من لندن للقاهرة.. سلاح الإخوان في معركتهم الإعلامية (خاص)

الإخوان والاغتيال
الإخوان والاغتيال المعنوي

لا تقتصر معركة التنظيمات الدينية المتطرفة، وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية، على ميادين القتال السياسي أو المواجهات العسكرية، بل تمتد إلى جبهة موازية لا تقل ضراوة، وهي المعركة الإعلامية. 

تتبنى الجماعة في هذا السياق استراتيجية "الاغتيال المعنوي" للخصوم، باعتباره أحد أذرعها القتالية غير التقليدية، التي تديرها لجان إلكترونية محترفة تعمل وفق منظومة منظمة وتوجيه مركزي من خارج مصر.

إدارة مركزية من لندن وتمويل سخي

تخضع هذه اللجان الإلكترونية، التي تُعد من أبرز أدوات الجماعة في مهاجمة مؤسسات الدولة ومعارضيها، لإشراف مباشر من "قسم الرصد والمتابعة" التابع للجنة الإعلامية، التي تُدار من العاصمة البريطانية لندن بقيادة الإخواني عادل الأنصاري. 

وتشرف على هذه المنظومة الإلكترونية شخصيات بارزة في التنظيم، من بينهم محمود الأبياري، مساعد الأمين العام للتنظيم الدولي ونائب مرشد الجماعة، وفق ثروت الخرباوي الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي.

ويقول الخرباوي لـ"تفصيلة"، إن هذه اللجان تضم ما يزيد على مئة شاب تتراوح أعمارهم بين 20 و25 عامًا، يتقاضون رواتب شهرية تتراوح بين 1500 و3000 دولار، ويتمركزون في لندن وقطر وتركيا وأمريكا وهولندا.

ويأتي تمركزهم في هذه العواصم، لاسيما لندن، في سياق قربهم من مراكز القيادة ومقرات التنظيم الدولي.

حسابات وهمية وتصفية الخصوم

تعتمد اللجان الإلكترونية في عملها على الحسابات الوهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتستهدف في المقام الأول الدولة المصرية بمؤسساتها، ومن ثم المناصرين لها من الإعلاميين والمفكرين والباحثين. 

كما تمتد حملاتها إلى داخل صفوف الجماعة نفسها، إذ لا تتوانى عن مهاجمة قيادات محسوبة على الإخوان إذا ما انتقدوا أداء التنظيم أو طالبوا بالمراجعة والمصالحة، كما حدث مع الدكتور سيف عبد الفتاح والدكتور محمد محسوب.

ورغم العلاقة الوثيقة التي تربطهما بالجماعة، فقد تعرضا لحملات شرسة بعدما تطرقا إلى تقييم مرحلة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، ولم تُوقف هذه الحملات إلا بعد تدخل مباشر من قادة التنظيم.

الإعلام وسيلة تصفية لا مناقشة

تكشف آلية عمل اللجان عن أن الهدف الأساسي ليس مناقشة المحتوى أو دحض الأفكار، بل تصفية أصحابها وتشويه سمعتهم الشخصية. 

ويصف الخرباوي هذه الحملات بأنها أقرب إلى الذباب الإلكتروني، الذي يطارد الرموز الإعلامية والمفكرين والباحثين من دون الاقتراب من مضمون ما يطرحونه.

وتستهدف هذه اللجان بشكل خاص الباحثين الذين يفضحون ممارسات التنظيم ويكشفون خططه وأفكاره المتطرفة، كما توجه نيرانها إلى الإعلاميين المؤثرين في الرأي العام.

تدريب ورصد وهجمات ممنهجة

يخضع عناصر هذه اللجان لتدريب مكثف على الرصد الإعلامي ومتابعة كل ما يُقال عن التنظيم، سواء في الإعلام التقليدي أو الرقمي، وباللغتين العربية والإنجليزية. 

وتُرصد تلك المواد وتُعاد معالجتها في حملات منظمة ومدفوعة تُطلق عبر هاشتاجات وصفحات ممولة.

بين "السبوبة" والتخوين

لا تتردد اللجان الإلكترونية في التشكيك بولاء حتى المتحالفين مع الجماعة إذا ما أبدوا تحفظات أو طالبوا بإصلاحات، إذ توجه لهم اتهامات بالعمل من أجل "السبوبة" والحصول على تمويل خارجي، وتصفهم بأنهم فقدوا الإيمان بشرعية الجماعة.

بل وتصل الاتهامات في بعض الأحيان إلى مستوى الطعن في السمعة الشخصية، كالإشارة إلى علاقات نسائية أو تلقي أموال من أنظمة سابقة أو أجهزة استخبارات أجنبية، في أسلوب يستهدف تدمير صورة الشخص بالكامل أمام الجمهور.

الاغتيال المعنوي

ترى الجماعة في اللجان الإلكترونية امتدادًا طبيعيًا للذراع العسكرية التي أنشأتها في ثلاثينات القرن الماضي تحت مسمى "النظام الخاص". 

فكما كانت الكتائب المسلحة آنذاك تتولى تنفيذ عمليات اغتيال جنائية ضد الخصوم، تتولى اللجان الإلكترونية الآن مهمة التصفية المعنوية والإرهاب الرمزي ضد المعارضين.

ورغم اختلاف الأدوات بين الأمس واليوم، يبقى الجوهر ثابتًا: قمع كل من يعارض الجماعة أو يُشكك في أفكارها، سواء بالرصاص أو بالتشويه الإعلامي.

تم نسخ الرابط