تجارة أم تصعيد؟.. ماذا يحدث خلف كواليس المحادثات الهندية الأمريكية؟

تبادل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الابتسامات والوعود قبل شهور، تحدثا عن اتفاق تجاري وصف بأنه " الأضخم" بين البلدين، وسيعيد تشكيل العلاقات الاقتصادية بين اثنين من أكبر اقتصادات العالم، لكن مع اقتراب الموعد النهائي في 9 يوليو، تحّلت الأجواء من تفاؤل إلى توتر، والمصافحات الدافئة إلى مفاوضات شائكة.
هل نشهد لحظة ولادة الاتفاق؟
بينما يواصل المسؤولون الهنود تمديد إقامتهم في واشنطن لمحاولة إنقاذ الصفقة، تزداد مؤشرات الجمود في المفاوضات، خاصة وأن المشكلة الأساسية في مجال الزراعة، حيث أن الولايات المتحدة تُصرّ على دخول منتجاتها الزراعية إلى السوق الهندية، خاصة الذرة وفول الصويا ومنتجات الألبان، في المقابل، ترفض نيودلهي هذه الضغوط، معتبرة أن فتح المجال أمام هذه الواردات سيؤدي إلى كارثة على ملايين صغار المزارعين الذين يعتمدون على دعم حكومي ثابت وأسعار مضمونة.
يقول ريتشارد روسو، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: " الهند ليست مستعدة للمقامرة بأمنها الغذائي من أجل صفقة مؤقتة، خاصة في قطاع حساس مثل الزراعة".
موقف أمريكا
الولايات المتحدة من جانبها تنتقد القوانين الهندية الجديدة التي تشدد معايير الجودة وتفرض ضوابط صارمة على الواردات، وتراها حواجز "غير جمركية" تعيق التجارة العادلة، وتخشى واشنطن أن يكون هذا الاتجاه جزءاً من سياسة "صنع في الهند" التي قد تُغلق الباب أمام السلع الأمريكية الرخيصة.
وسط هذا الشد والجذب، يرى محللون أن الخروج بصفقة ضخمة يبدو مستبعدًا، والسيناريو الأقرب هو اتفاق "مصغّر" يشمل تخفيضات محدودة في الرسوم الجمركية على بعض السلع الصناعية والزراعية غير المثيرة للجدل مثل اللوز والإيثانول وزيت الزيتون.
كما قد تفتح الهند الباب لشراء منتجات أمريكية ضخمة مثل الغاز المسال وطائرات بوينغ، مقابل استبعاد قضايا أكثر تعقيدًا مثل تجارة الخدمات والملكية الفكرية والتنظيمات الرقمية إلى مرحلة لاحقة.
في حال فشل الاتفاق تمامًا، لا يُتوقع أن تُعيد واشنطن فرض رسوم عقابية عالية، بل قد تكتفي برسوم بنسبة 10%، تُطبق على الواردات الهندية ضمن إطار عام يشمل عدة دول أخرى.