كيف تتعامل الحكومة مع رفض النقابات لتعديلات قانون الإيجار القديم؟

فيما تواصل الحكومة والبرلمان دفع مشروع تعديل قانون الإيجارات القديمة إلى الواجهة، تواجه هذه التعديلات معارضة قوية من النقابات المهنية، وعلى رأسها نقابات الأطباء والمحامين والصيادلة والمهندسين، التي ترى في القانون تهديدًا مباشرًا لاستقرار عمل أعضائها ومصالحهم الاقتصادية والمهنية.
معركة في قلب الحوار المجتمعي
بينما تعكف اللجنة البرلمانية المشتركة من لجان الإسكان والإدارة المحلية والتشريعية على إعداد التقرير النهائي لمشروع القانون، والذي من المنتظر مناقشته في الجلسات العامة المقبلة، جاءت اعتراضات النقابات لتفرض واقعًا جديدًا على طاولة الحوار المجتمعي.
فالنقابات المهنية ترى أن مشروع القانون بصيغته الحالية لا يراعي الطبيعة الخاصة لبعض المهن، وعلى رأسها مهن الطب والصيدلة والمحاماة، التي تتطلب مواقع ثابتة ذات طابع مهني واستثماري طويل الأجل.
صوت الصيادلة لا يُختصر في العقار
الدكتور عبد الناصر سنجاب، عضو لجنة إدارة نقابة الصيادلة، قال بوضوح إن "الصيدلية ليست محلًا تجاريًا"، معتبرًا أن تسعيرة الدواء الجبرية تجعل من الصيدلي غير قادر على تحمّل تكاليف الإيجارات الحرة.
كما حذرت نقابة الصيادلة من أن تطبيق القانون المقترح قد يُفقد أكثر من 10 آلاف صيدلية تراخيصها، كون القانون رقم 127 لسنة 1955 يمنع انتقال الترخيص من مكان لآخر إلا بشروط معقدة.
الأطباء: الإخلاء غير دستوري
الدكتور أسامة عبد الحي، نقيب الأطباء، وصف القانون بأنه "غير دستوري"، مشيرًا إلى أن العيادات والمراكز الطبية ليست محلًا قابلاً للنقل، بل استثمار في الصحة العامة. كما أشار إلى أن الأطباء دفعوا مبالغ طائلة "كخلو" عند تأسيس عياداتهم، ولا يمكن تعويضهم بعد خمس سنوات.
المحامون: القانون يهدد ممارسة المهنة
من جانبه، حذر محمود تفاحة، عضو مجلس نقابة المحامين، من أن الصيغة الحالية ستجبر مئات المحامين على مغادرة مقار عملهم قرب المحاكم، ما قد يؤدي إلى انهيار منظومة تقديم الخدمات القانونية في بعض المناطق. وأضاف أن هذه المكاتب تمثل استثمارًا قانونيًا ومهنيًا لا يمكن القفز عليه.
المهندسون: لا بدائل حقيقية في السوق
نقيب المهندسين، طارق النبراوي، انتقد فكرة الإخلاء الإجباري، مشيرًا إلى أن المحكمة الدستورية لم تتطرق في أحكامها إلى تحرير هذه العقود، وأن الزيادة المقترحة في القيمة الإيجارية لا تراعي الفروق بين المناطق. وأكد أن الحكومة لم توضح حتى الآن ما إذا كانت قادرة على توفير بدائل سكنية أو مهنية ملائمة.
استراتيجية حكومية صامتة أم مرنة؟
حتى الآن، تتعامل الحكومة مع هذه الاعتراضات بنوع من الصمت التكتيكي، في ظل استمرار العمل البرلماني على النصوص دون تعليق رسمي موسع، ومع ذلك، رُصدت بعض الدعوات من داخل البرلمان لتوسيع الفترات الانتقالية، أو التفكير في استثناءات لبعض المهن الحساسة، إلا أن اللجنة البرلمانية ما زالت تتمسك بصيغة الحكومة.