حرب إيران وإسرائيل.. ترامب أمام لحظة حاسمة: هجوم أم دبلوماسية؟

يشهد الشرق الأوسط تصعيدًا غير مسبوق في حدة المواجهة بين إيران وإسرائيل، مع تبادل الضربات العسكرية وتهديدات مباشرة تطال أعلى هرم القيادة الإيرانية، ما ينذر بانزلاق الأوضاع إلى حرب إقليمية شاملة، ويضع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في موقف بالغ الحساسية بين التصعيد العسكري والرهان على الحلول الدبلوماسية.
هجوم إيراني على بئر السبع وتل أبيب
في تصعيد نوعي، شنت إيران أمس الخميس، 19 يونيو، هجمات صاروخية استهدفت مدينة بئر السبع في جنوب إسرائيل، ما أسفر عن أضرار واسعة وإصابة 80 شخصًا، معظمهم يعانون من إصابات طفيفة أو حالات هلع وصدمة، بحسب وكالة أسوشيتد برس.
كما أصابت الصواريخ الإيرانية عدة مبانٍ في تل أبيب ومناطق أخرى، مخلفة ما لا يقل عن 240 مصابًا آخرين.
إسرائيل ترد باستهداف منشآت نووية إيرانية
وفي رد فعل سريع، نفّذت إسرائيل غارات جوية مركزة على منشآت نووية ومراكز عسكرية داخل إيران، أبرزها مفاعل آراك للمياه الثقيلة، ومركز أبحاث دفاعي في طهران، ومواقع لإنتاج الصواريخ في أصفهان، بحسب واشنطن بوست.
وأكدت الصحيفة أن إسرائيل نجحت خلال أسبوع في تدمير ما يُقدّر بـ ثلثي قاذفات الصواريخ الإيرانية.
رغم ذلك، أكدت وكالة فارس الإيرانية الرسمية عدم وقوع تسرب إشعاعي من مفاعل آراك، نظرًا لخلوّه من المواد النووية، فيما أعلنت طهران تعزيز دفاعاتها حول المواقع الحساسة استعدادًا لمزيد من الضربات.
تهديدات تطال خامنئي
في سابقة، وجّهت إسرائيل تهديدات مباشرة للمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، فيما تداولت وسائل إعلام إسرائيلية مزاعم حول مقتله. لكن علي شمخاني، مستشار خامنئي، خرج ليؤكد أنه على قيد الحياة وجاهز "للتضحية دفاعًا عن إيران".
ترامب أمام لحظة حاسمة: هجوم أم دبلوماسية؟
أكدت سي إن إن أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيُحدد خلال أسبوعين ما إذا كانت واشنطن ستوجه ضربة عسكرية مباشرة لإيران، مع التركيز على منشأة فوردو النووية، التي تقع في عمق الجبال وتتطلب قنابل أمريكية خارقة للتحصينات.
رغم التهديدات، بدا ترامب أكثر ميلًا للتهدئة في الأيام الأخيرة، ملوّحًا بإمكانية العودة إلى التفاوض، لكنه شدد على أن الكرة في ملعب إيران.
انقسام أمريكي داخلي بشأن الحرب
أظهر استطلاع للرأي أجرته واشنطن بوست أن 45% من الأمريكيين يعارضون أي تدخل عسكري ضد إيران، مقابل 25% يؤيدونه، و30% غير متأكدين، مما يعكس انقسامًا واسعًا في الداخل الأمريكي، حتى داخل معسكر ترامب.
جهود أوروبية لإنقاذ الموقف: اجتماع حاسم في جنيف
في محاولة لاحتواء التصعيد، أعلنت فرنسا وألمانيا وبريطانيا استعدادها لتقديم عرض لإيران يشمل مفاوضات شاملة حول البرنامج النووي، الصواريخ الباليستية، ودعم الجماعات المسلحة.
ومن المقرر أن يعقد وزراء خارجية الدول الثلاث اجتماعًا مع نظيرهم الإيراني عباس عراقجي اليوم في جنيف.
بدوره، أكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي عقب لقائه نظيره الأمريكي ماركو روبيو وجود "نافذة زمنية" محدودة لإنهاء الأزمة، رغم تشكك واشنطن في قدرة الأوروبيين على تحقيق اختراق دبلوماسي سريع.
مواقف دولية: روسيا والصين تحذّران من الكارثة
أدانت روسيا والصين الهجمات الإسرائيلية واعتبرتا أنها انتهاك للقانون الدولي. وأصدر الرئيسان فلاديمير بوتين وشي جين بينغ بيانًا مشتركًا دعا إلى وقف التصعيد، محذرين من أن اغتيال خامنئي قد "يفتح صندوق باندورا"، وأكدا رفضهما التام لأي محاولة لتغيير النظام في إيران بالقوة.
موقف إقليمي حذر: حزب الله يراقب وميليشيات العراق تهدد
في المشهد الإقليمي، أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية دعمها الكامل لإيران، لكنها لم تنخرط عسكريًا حتى الآن، مراعاة للوضع الداخلي المتأزم في لبنان.
وفي المقابل، هددت ميليشيات عراقية موالية لطهران بـإغلاق مضيق هرمز، في خطوة قد تُحدث شللًا في إمدادات النفط العالمية.
هل يدفع التصعيد إيران نحو السلاح النووي؟
أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن ضربات إسرائيل لم تؤد إلى تسرب إشعاعي في مفاعل آراك، لكنها ألحقت أضرارًا بالغة بالموقع.
وقال مدير الوكالة رافائيل غروسي إن الخيار الدبلوماسي لا يزال هو الأفضل، محذرًا من أن "الضربات العسكرية لا يمكن أن تمحو المعرفة النووية الإيرانية".
بدوره، صرّح المفاوض النووي الإيراني السابق حسين موسويان بأن التصعيد قد يدفع طهران لإعادة التفكير في استراتيجيتها النووية، وربما اللجوء إلى تطوير سلاح نووي كرادع.
لحظة مفصلية في مستقبل الشرق الأوسط
بينما تتجه الأنظار إلى قرار ترامب المنتظر خلال الأسبوعين المقبلين، تتصاعد الدعوات الدولية لتغليب لغة العقل والدبلوماسية.
غير أن وتيرة الضربات المتبادلة، وغياب مؤشرات على التهدئة، يجعلان من احتمال اندلاع حرب شاملة في المنطقة أمرًا واردًا، ما لم يتحقق اختراق دبلوماسي عاجل.
السيناريوهات مفتوحة: التفاوض، التصعيد، أو الحلول الرمادية. لكن الثابت الوحيد حتى اللحظة هو أن المنطقة تقف على حافة هاوية خطرة، قد تغيّر وجه الشرق الأوسط لعقود مقبلة.