رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

ما سر إصرار بوتين على لعب دور الوسيط بين إيران وإسرائيل؟

بوتين
بوتين

في توقيت دقيق يشهد تصعيدًا حادا بين إسرائيل وإيران، يقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه كوسيط لحلّ الأزمة، في خطوة تعكس رغبة موسكو العميقة في استعادة موقعها كلاعب رئيسي في شؤون الشرق الأوسط، رغم تعقيدات علاقاتها مع طرفي النزاع، وضغوط الغرب التي لم تخف تشككها حيال هذه المبادرة.

موسكو بين طهران وتل أبيب

وفقا لما ذكرته وكالة فرانس برس (AFP)، معهد كارنيغي، المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، معهد واشنطن، فإنه قد احتفظت موسكو تاريخيًا  بعلاقات متوازنة مع إسرائيل، خصوصًا مع وجود جالية ناطقة بالروسية كبيرة هناك، لكن حرب أوكرانيا من جهة، وانتقاد الكرملين لعمليات إسرائيل العسكرية في غزة من جهة أخرى، أديا إلى فتور ظاهر في تلك العلاقات.

الجمعة الماضي دانت موسكو الضربات الإسرائيلية على إيران، قبل أن يعلن بوتين استعداده للتوسط بين الجانبين، حيث أن الكرملين لاحظ ما وصفه بـ"تحفظ إسرائيلي" حيال قبول أي وساطة خارجية.

نيكول غراييفسكي من معهد "كارنيجي" ترى أن لموسكو مصلحة استراتيجية في تهدئة الأوضاع، لأن سقوط النظام الإيراني قد يفتح الباب لحكومة موالية للغرب، ما سيضعف أكبر شريك لروسيا في الشرق الأوسط، خصوصًا منذ بدء حرب أوكرانيا التي زادت عزلة موسكو الدولية.

 

شراكة عسكرية تقيّد الوساطة الروسية

 

منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022، اقتربت موسكو من طهران سياسيا وعسكريا، ففي  في يناير الماضي، وقع الطرفان "معاهدة شراكة استراتيجية شاملة"، تعزز التعاون العسكري، رغم أنها لا تصل لحد معاهدة دفاع مشترك كما الحال مع كوريا الشمالية.

 

في هذا السياق، تتهم كييف ودول غربية إيران بتزويد روسيا بطائرات مسيّرة وصواريخ قصيرة المدى، وهو ما تنفيه طهران، هذا التحالف الوثيق يجعل الغرب يشكك بقدرة روسيا على لعب دور الوسيط النزيه.

 

موسكو تطمح للشرعية الدولية

تاتيانا كاستوييفا-جان من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري) تعتقد أن موسكو تسعى لتعويض خسائرها الإقليمية، خاصة في سوريا بعد تغيّر موازين القوى هناك، خاصة وان روسيا نجحت سابقًا بالخروج من عزلتها بعد ضمّها للقرم عام 2014 من خلال تدخلها العسكري في سوريا ودعمها لنظام بشار الأسد، وأيّدت الاتفاق النووي الإيراني عام 2015 قبل انسحاب واشنطن منه في 2018.

 

لكن هذه الورقة الإيرانية قد ترتدّ على موسكو، فبحسب المحلّل الروسي كونستانتين كالاتشيف، "روسيا لن تكون وسيطًا مقبولًا لا في أوروبا ولا لدى إسرائيل" بسبب تحالفها المعلن مع طهران.

الاتحاد الأوروبي أكد أن روسيا ليست وسيطا موضوعيا، وذلك من خلال حديث أنوار العوني، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية،  أما باريس فهاجمت موسكو مباشرة عبر وزير الخارجية جان نويل بارو الذي قال: إن كان الكرملين يريد إحلال السلام في الشرق الأوسط، فليبدأ بأوكرانيا أولًا".

هل يسعى بوتين لجذب ترامب؟

المثير أن مبادرة موسكو وجدت صدى إيجابيا لدى دونالد ترامب، العائد حديثا إلى البيت الأبيض، الذي أبدى انفتاحًا عليها، بحسب تقارير الباحثة كاستوييفا جان، والتي أشارت إلى أن  الكرملين يحاول استثمار علاقة بوتين ترامب في ملفات خارج أوكرانيا، خاصة وأن ترامب الذي تعهّد قبل انتخابه بحلّ حرب أوكرانيا خلال 24 ساعة، يبدو أقل حماسة الآن لمتابعة الملف الأوكراني مع تعثر المفاوضات.

بالتالي، يرى مراقبون أن موسكو تسعى عبر هذه الوساطة إلى تعزيز أوراق تفاوضية مع الغرب، من ضمنها، تخفيف العقوبات، الاعتراف بضمّها لأراضٍ أوكرانية، وشرعنة سياساتها في أوكرانيا.

طموحات كبيرة

أما " آنا بورشيفسكايا" من "معهد واشنطن" تلخّص المشهد من خلالها حديثها إذا اضطلعت موسكو بدور الوسيط فعلا، سيعني ذلك اعترافا بكونها قوة لا غنى عنها، حتى وهي تقود أكبر عدوان على أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

أما البعض الأخر  يحذر من أن نجاح هذه الوساطة لو حدث  سيصرف أنظار المجتمع الدولي عن معاناة أوكرانيا وأوروبا.

تم نسخ الرابط